ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة....

الإنسان يستطيع أن يحقق غايته بالمجاهدة والتهذيب

15:13 - September 14, 2023
رمز الخبر: 3492687
بيروت ـ إکنا: يجب على الإنسان أن يجاهد نفسه، بحملها على الطاعة، والنأي بها عن المعصية، وأن يهذب نفسه بتنقيتها من كل شوائب الضلال والشرك والشَّرِّ، وأن يجاهدها بالتصبر والثبات في مواجهة الأهواء والشهوات، فبالمجاهدة والتهذيب، والتحلية والتخلية يستطيع الإنسان أن يحقق غايته، ومن دونها ستبقى الغايات سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "ذِرْوَةُ الْغاياتِ لا يَنالُها إِلاّ ذَوُوا التَّهْذيبِ والْمُجاهَداتِ".

لا يوجد إنسان إلا وله غايات يريد الوصول إليها، لأنه كائن هادفٌ، وفي هذا لا يختلف شخص عن آخر، إنما يختلف الناس في أن البعض منهم ينجح في بلوغ غاياته وبعض آخر يفشل في بلوغها، ولكلٍّ أسبابه، ومعرفة أسباب النجاح والفشل ضرورية لكل منهما، كي يواصل الناجح نجاحه، ويعالج الفاشل أسباب فشله.
 
أقول: لا يمكن للمرء أن يصل إلى غاياته ويحقق أهدافه إلا إذا تحققت له الأمور التالية: 

أولاً: أن يكون الهدف قابلاً للتحقق. فإن كثيراً من الناس يفشلون في تحقيق أهدافهم لأنها أهداف غير واقعية، أو غير قابلة للتحقق، كذاك الذي يريد أن يصبح عالما في سنة واحدة، أو ذاك الذي يزرع شجراً ويريد أن يجني ثماره في نفس العام، أما الذين ينجحون في تحقيق أهدافهم والوصول إلى غاياتهم فهم أولئك الذين يسعون إلى أهداف واقعية ممكنة التحقق تتماشى مع إمكانياتهم وقدراتهم الذاتية ومهاراتهم العملية.

ثانياً: أن يتم التخطيط جيداً للمسار الذي يوصل إلى الغاية.

فكثير من الناس ربما تكون أهدافهم واقعية، وهم قادرون على إنجازها، لكنهم يفشلون في الوصول إلى غاياتهم بسبب الفشل في التخطيط، أو الخطأ في سلوك مسار صحيح، ما يؤدي بهم إلى الفشل، فلا يكفي أن يكون لك هدف تضعه نصب عينيك، ولا يكفي أن تسعى إلى تحقيقه بل لا بد تكون لك خطة صحيحة، وأن تنفذ الإجراءات المطلوبة، وأن يكون الطريق إلى ذلك صحيحاً.

ثالثاً: أن تزال كل العراقيل التي تحول دون تحقق الهدف.

ففي الحياة لا يوجد عمل سهل، لأن من طبيعة الدنيا ألّا ينال الإنسان فيها شيئا إلا بالكدح والمكابدة، ومن طبيعتها توارد الخير والشر، وتصارع أهل الحق مع أهل الباطل، والأشرار والأخيار، الأمر الذي يخلق في طريق الإنسان الكثير من العراقيل والعقبات، وإن الذين يفشلون في تحقيق غاياتهم هم الذين ينهزمون في المواجهة، ويضعفون أمام العراقيل التي تعترض طريقهم، ويفشلون في إزالة العقبات التي تحول بينهم وبين أهدافهم.

رابعاً: أن يتحَلَّى الساعي إلى تحقيق الهدف بمجموعة من الصفات ومن أهمها التالي:

أولاً: أن يتوفَّر على المُؤَهلات التي تتيح له الوصول إلى هدفه.
ثانياً: أن يتوَفَّر على العزم والإرادة.
ثالثاً: أن يثبت على أهدافه ويصرّ على تحقيقها رغم كل ما يعترضه من عقبات. 
رابعاً: أن يجا.هد نفسه، ويصبر ويصابر على الأهوال والمصاعب.

إن التصبر والمثابرة والإصرار والعزم وقوة الإرادة والإيمان بالهدف كل ذلك يدفع الإنسان إلى مواجهة كل ما يحول بينه وبين هدفه، ويعطيه الدافعية الضرورية لبلوغ الغاية، ويزرع في النفس الإنسانية القوة الكافية لمواجهة كل ما يعترض طريقه.

في دعاء كميل الشريف نقرأ المقطع التالي: "يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ، قَوِّ عَلى خِدْمَتِكَ جَوارِحِي وَاشْدُدْ عَلى العَزِيمَةِ جَوانِحِي، وَهَبْ لِيَ الجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ، وَالدَّوامَ فِي الاِتِّصالِ بِخِدْمَتِكَ حَتَّى أَسْرَحَ إِلَيْكَ فِي مَيادِينِ السابِقِينَ، وأُسْرِعَ إِلَيْكَ فِي البَارِزِينَ، وَأَشْتاقَ إِلى قُرْبِكَ فِي المُشْتاقِينَ، وَأَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ المُخْلِصِينَ، وَأَخافَكَ مَخافَةَ المُوقِنِينَ، وَأَجْتَمِعَ فِي جِوارِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ".

وإذا كانت أعلى غايات المؤمن رضوان الله تعالى، وأسمى أهدافه الوصول إلى جواره في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

وإذا كان الشيطان قد أخذ على نفسه أن يُضِلَّ الراحلين إلى الله، ويَصُدَّ الساعين إلى نيل رضوانه والقُربى منه.

كان على الإنسان أن يجاهد نفسه، بحملها على الطاعة، والنأي بها عن المعصية، وأن يهذب نفسه بتنقيتها من كل شوائب الضلال والشرك والشَّرِّ، وأن يجاهدها بالتصبر والثبات في مواجهة الأهواء والشهوات، فبالمجاهدة والتهذيب، والتحلية والتخلية يستطيع الإنسان أن يحقق غايته، ومن دونها ستبقى الغايات سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha