ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

المودة في أقول الامام علي(ع)

1:13 - November 25, 2023
رمز الخبر: 3493566
بيروت ـ إکنا: عندما تريد أن تعرف هل يحبك الله فانظر إلى قلبك فإن كان يحب الله فاعلم أن الله يحبك، وإذا أردت أن تعرف هل يحبك ولي الله فاعتمد نفس الطريقة، واعتمدها أيضاً في معرفة مكانتك عند الناس، كذلك إذا أردت أن تعرف هل حُبُّك للآخر حقيقي فاسأل قلبك فإنه لا يخطئ.
المودة في أقول الامام علي(ع)ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "سَلُوا الْقُلُوبَ عَنِ الْمَوَدّاتِ فَإِنَّها شُهُودٌ لا تَقْبَلُ الرُّشا".

ومن الأمور التي تأخذ حيِّزا مهماً من تفكير المؤمن بحثه الدائم عن سؤال: هل يحبني الله، وهل يحبني رسوله وأولياؤه الطاهرين، ويتعدّى بسؤاله إلى غيرهم، فتراه يسأل نفسه هل يحبه فلان وفلان، والسؤال الأخير يشاركه في الناس كل الناس، فإن الإنسان يرغب في أن يكون محبوباً من الناس، ويكره أن يكون مكروهاً من قبلهم، بل تراه يفعل الكثير كي ينال حبَّهم، ويتوسل إلى ذلك بوسائل عديدة، وقد يكون بعضها غير مشروع أخلاقياً كأن يتصدق عليهم أو يساعدهم ودافعه إلى ذلك أن يحبوه ويؤيدوه، وقد نجد بعض الناس الذين يرغبون في مكانة اجتماعية أو منصب سياسي قد يؤسس المؤسسات بهذا الدافع وحسب.
وكما نتساءل عما إن كان الآخرون يحبوننا، كذلك نسأل أنفسنا: هل نُحِبُّ الله حقاً؟ هل نُحِبُّ رسوله وأولياءه حقاً؟ فالسؤال هنا عن مشاعرنا وعواطفنا تجاههم أو تجاه الناس، هل هي مشاعر حقيقية أم لا، وهل حُبُّنا لهم حقيقي أم أنه حُبُّ مُتَوَهَّم.

بالطَّبْع لكل هذه الأسئلة أجوبة، ولكل منها طريق يمكننا بواسطته أن نعرف إن كان الآخر يحبنا، أو إن كُنَّا نُحِبُّه، ولكن لا تتسع هذه المقالة لكل الأجوبة والطرق، ولذا اقتصر على ذكر الطريقة التي نستطيع بواسطتها أن نقيس مقدار حُبنا الحقيقي أو المُتَوَهَّم لأي موجود، ونعرف كذلك مقدار حُبِّ الطرف الآخر لنا، ومن تلك الطرق ما جاء في جوهرة الإمام أمير المؤمنين (ع): "سَلُوا الْقُلُوبَ عَنِ الْمَوَدّاتِ فَإِنَّها شُهُودٌ لا تَقْبَلُ الرُّشا".

القلب شاهد لا تمكن رشوته أبداً
 
إنها شهادة القلب، والقلب شاهد لا تمكن رشوته أبداً، فهو إن أحبَّ أحبَّ، وإن كَرِهَ كَرِهَ، لا يزول عن محبته ولا يزول عن كراهته لا برشوة ولا بإكراه، لأن الحب والكره نوعان من التوجُّه التلقائي اللاإرادي، الذي لا يأتي بقرار ولا يذهب بقرار، نعم يمكن التحكم بما ينشأ عنهما، يمكن التحكم في التعبير عنهما، لكن لا يمكن التحكم في أصل وجودهما، فلو اجتمع العالم كله عليك لتُحِبَّ من تكرهه فلن تكرهه، قد تعلن أنك لا تكرهه، لكنك لا تستطيع أن تزيل الكراهة له من قلبك إلا بعد جهد جهيد، ولو اجتمع الخلق كلهم على أن تكره مَن تحب فلن يؤثروا في قلبك، إلا إذا ظهر لك ممن تحبه نقصاً أو سوءاً يزيل حبَّه من قلبك، أو ظهر لك ممن تكره كمالاً  يزيل الكراهة له من قلبك.

إذاً عندما تريد أن تعرف هل يحبك الله فانظر إلى قلبك فإن كان يحب الله فاعلم أن الله يحبك، وإذا أردت أن تعرف هل يحبك ولي الله فاعتمد نفس الطريقة، واعتمدها أيضاً في معرفة مكانتك عند الناس، كذلك إذا أردت أن تعرف هل حُبُّك للآخر حقيقي فاسأل قلبك فإنه لا يخطئ. وقد جاء في الحديث أن الحسَنَ بن الجَهم سال الإمام عَلِيّ بن موسى الرضا (ع) فقال له: جُعِلْتُ فِداكَ، أَشْتَهي أَنْ أَعْلَمَ كَيْفَ أَنا عِنْدَكَ؟ فقال (ع): "انْظُرْ كَيْفَ أَنا عِنْدَكَ"
 
وجاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "مَنْ أَرادَ مِنْكُمْ أَنْ يَعْلَمَ كَيْفَ مَنزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ، فلْيَنظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةُ اللَّهِ مِنهُ عِنْدَ الذُّنُوبِ، كَذَلِكَ تَكُونُ مَنزِلَتُهُ عِندَ اللَّهِ َتَباركَ وَتَعالى" وجاء عن حفيده الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: "مَنْ أَرادَ أنْ يَعْرِفَ كَيْفَ مَنزِلَتُهُ عِندَ اللَّهِ فلْيَعْرِفْ كيفَ مَنزِلَةُ اللَّهِ عِنْدَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ العَبْدَ مِثلَ ما يُنْزِلُ العَبدُ اللَّهَ مِنْ ‏نَفْسِهِ".

فقلبك دليلك كما يقال، وهو دليل لا يكذب، ولا يَغُشّ، ولا يُخطئ، ولا يقبل الرشوة فينتزع منه ما هو فيه.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

captcha