جواهر علوية....
النهي عن الإسراف في الطعام في الاسلام
بيروت ـ إکنا: إن الاسلام يذمّ الإسراف في كل شيء بل يحرّمه، لكنه في مجال الأكل تقوى أسباب تحريمه، فإذا كان سبب تحريم الاسراف في المال هو الحفاظ عليه باعتباره حاجة أساسية للإنسان فإن تحريمه في الطعام يهدف إلى الحفاظ على البدن وحمايته من الأمراض.
ورُوِيَ عن الإمام علِي (ع) أنه قال: "لا صِحَّةَ مَعَ النَّهَمِ".
النَّهم، الشَّراهة، الوَلَع بالطعام، الأكل حتى التخمة وما بعد التخمة، الجوع النفسي الذي لا شبع معه، كلها تعابير تعبِّر عن مرض نفسي خطير يُبتَلى به البعض من البشر، فيصير الطعام شغلهم الشاغل، لا يشبعهم شيء، ولا يسدُّ نَهَمَهم شيء، يواصلون التهام الطعام حتى ولو امتلأت أمعاؤهم وضغطت على صدورهم، إنهم يأكلون للأكل وحسب، ولا يأكلون للشبع وتلبية حاجات البدن. الأكل عندهم هو الهدف، كلما أكلوا اشتهوا المزيد.
وقد بحث المتخصصون في الطب هذا المرض الخطير وخلصوا إلى أنه يتسبب للإنسان بمخاطر جمّة، حيث يُصاب بمشاكل نفسية وجسدية أهمُها ضَعف جهازه المَناعي، وتَدَنِّى قدرة البدن على مقاومة الأمراض والفايروسات، ما يجعله عرضة للإصابة بأي مرض.
فضلاً عن إصابته بالسُّمنة التي تتسبب له هي الأخرى بأمراض خطيرة مثل: أمراض القلب، والسكري، ومرض الجَزْر المَعدي المريئي، وبعض اضطرابات التنفس المرتبطة بالنوم.
أما في الجانب النفسي فيُصابُ بالاكتئاب، والقلق، وقد يجد نفسه مُتَّجِهاً ومن دون إرادة منه الى العُزلة الاجتماعية.
وإذاً فنحن أمام مرض شديد الخطورة، ولهذا نَبَّه منه الإمام أمير المؤمنين (ع) بقوله الشريف: "لا صِحَّةَ مَعَ النَّهَمِ" فإن شدة الاشتهاء الى الكعام تؤدي الى كثرة الأكل، وهي تؤدي الى التخمة، وهي تورث تلك الأمراض.
إن على المَرء أن يكون متوازناً في كل شيء، ووسطاً في كل شيء، دون إفراط وتفريط، والله سبحانه الذي خلق الإنسان ويعلم ما ينفعه وما يضره، ويعلم ما يحتاج إليه وما يزيد على حاجاته، دعانا إلى أن نكون متوازنين في الأكل، لا نُجَوّع البدن ولا نُتخِمه فكلاهما يضُرُّه، قال تعالى: "...كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لاٰ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاٰ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (الأعراف/31) إن الاسلام يذمّ الإسراف في كل شيء بل يحرّمه، لكنه في مجال الأكل تقوى أسباب تحريمه، فإذا كان سبب تحريم الاسراف في المال هو الحفاظ عليه باعتباره حاجة أساسية للإنسان فإن تحريمه في الطعام يهدف إلى الحفاظ على البدن وحمايته من الأمراض والبدن أمانة يجب أن تُصان وتُحفظ.
بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
أخبار ذات صلة
