إنطلقت في العاصمة الكوسوفية "بريشتينا"، أمس الجمعة 3 أكتوبر الجاري، أعمال المؤتمر الدولي بعنوان "دور وإسهامات العلماء والمفكرين المسلمين في أوروبا"، الذي تنظمه كلية الدراسات الإسلامية في العاصمة بريشتينا، والتابعة للمشيخة الإسلامية في دولة كوسوفا، بالتعاون مع كلية العلوم الإسلامية ومركز الدراسات المتقدمة في سراييفو، وبمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين من داخل القارة الأوروبية وخارجها.
ويأتي تنظيم هذا المؤتمر في إطار جهود كلية الدراسات الإسلامية في بريشتينا لتعزيز البحث العلمي والحوار الثقافي، وفتح قنوات التواصل والتعاون بين الباحثين والمفكرين المسلمين والأوروبيين، بما يسهم في ترسيخ قيم التفاهم والسلام والتعايش في المجتمعات الأوروبية.
إقرأ أيضاً:
ويهدف المؤتمر، الذي تُعقد جلساته باللغة الإنجليزية، إلى تسليط الضوء على إسهامات العلماء والمفكرين المسلمين في أوروبا عبر التاريخ والحاضر، واستشراف دورهم المستقبلي في تعزيز التفاهم بين الثقافات والأديان، ومواجهة الصور النمطية، إلى جانب معالجة التحديات الفكرية والأخلاقية في العصر الرقمي.
الافتتاح الرسمي ومداخلات للشخصيات البارزة
في كلمته الافتتاحية رحب فضيلة الشيخ الدكتور نعيم ترنافا، رئيس المشيخة الإسلامية ومفتي البلاد، بالمشاركين، مؤكداً على مكانة العلم في الإسلام ودور العلماء عبر التاريخ في التفسير الصحيح للقرآن الكريم والحديث الشريف، وإسهاماتهم في مختلف العلوم.
وأشار عميد كلية الدراسات الإسلامية، الدكتور إسلام حساني، إلى أن العلماء المسلمين تركوا بصمات بارزة في تطور العلوم الطبيعية والاجتماعية، داعياً إلى استعادة هذا الإرث وإبرازه للأجيال الجديدة.
من جهته ركّز مدير مركز الدراسات المتقدمة في سراييفو، أحمد عليباشيتش، على التحديات الراهنة التي تواجه أوروبا، معتبرًا كوسوفا نموذجاً ناجحاً في إدارة التعددية الدينية والقومية، مشيداً بالتطور الملحوظ في الحياة الفكرية والثقافية الإسلامية لدى الألبان خلال العقود الأخيرة.
جلسات اليوم الأول
وشهدت جلسات اليوم الأول للمؤتمر نقاشات فكرية وثقافية واسعة تناولت أبرز التحديات التي تواجه القيم الإسلامية في أوروبا المعاصرة، وأثر الخطاب الديني في القوانين المدنية الغربية، إلى جانب موقع العقل النقدي والتجريبي في الفكر الإسلامي ومقارنته بالنتاج الفلسفي الغربي.
كما ناقش الباحثون دور الكُتّاب المسلمين في إثراء الثقافة الأوروبية، والعلاقة بين الإسلام والحوكمة الديمقراطية في البلقان، إلى جانب مقاربات منهجية لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، وصولاً إلى أثر المنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي على البحث الإسلامي في المجتمعات الغربية.
قضايا المرأة المسلمة في أوروبا
واختتم اليوم الأول للمؤتمر الدولي بجلسة مخصصة لقضايا المرأة المسلمة في أوروبا، حيث تناولت محاور التعليم والسلطة الدينية وفاعلية حضور النساء المسلمات في الحياة العامة، إلى جانب عرض تحديات تواجه المرأة المسلمة في الوسط الأكاديمي الفنلندي، وتقديم نماذج من التجربة البلجيكية في دعم التعليم الأسري من خلال المؤسسات والعلماء.
ويمتد المؤتمر على مدار يومين، على أن تستمر الجلسات اليوم السبت 4 أكتوبر، لاستعراض مسيرة العلماء المسلمين من العصور التاريخية إلى إسهامات المفكرين المعاصرين، بما يفتح آفاقاً جديدة للحوار حول موقع الفكر الإسلامي في أوروبا اليوم ومستقبلاً.
ويُعد هذا المؤتمر مناسبة بارزة لكلية الدراسات الإسلامية في بريشتينا لتأكيد مكانتها كمؤسسة أكاديمية رائدة في العلوم الشرعية والفكر الإسلامي في منطقة البلقان. فهو يعكس التزام الكلية بتعزيز البحث العلمي، وتوفير منصة للمفكرين والباحثين لتبادل الخبرات، وبناء جسور الحوار بين الثقافات والأديان، ما يرسخ دورها كمركز معرفي يستجيب لتحديات العصر ويعزز مكانة كوسوفا على الخريطة الفكرية الأوروبية.