
جاء في لسان العرب لابن منظور: اللُّؤْمُ: ضدُّ الكرم. وقيلَ: هو دَناءَةُ النفس وبُخْلُها. ويقال: رجل لئيم، أي دنيء الخُلُق، بخيل، خسيس.
وذكر ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: اللؤم يدل على "دَناءَة وخَساسَة"، وهو ضد الكرم والشرف.
إقرأ أيضاً:
وجاء في معجم تاج العروس للزبيدي: اللؤم: البُخْل والدَّناءَةُ في الطِّباع، وهو جامعٌ لِمَساوِئ الأخلاق من جفاءٍ، وخِسَّة، وشُحّ.
نستنتج مِمّا سبق أن اللؤم في اللغة لا يقتصر على البُخل المادي، بل هو مفهوم واسع يشمل دناءة النفس، وخسّة الطبع، وضيق الصدر، والجفاء مع الناس، وميل الإنسان إلى الشحّ بكل أنواعه، فهو طبيعة نفسية مائلة إلى الدناءة، تُظهر الشحّ بدل الكرم، والجفاء في المعاملة، والأنانية القبيحة، والتضحية بالقيم في سبيل مصلحة ضيقة. فاللئيم لا يحجزه الغِنى عن لؤمه، ولا يزكّيه الفقر عن دناءته، لأنه ينطلق من نفس لئيمة خسيسة مريضة، ولهذا كان مضادَّه الكرم، الذي يعني كرَمَ النفس، وشَرَف الخلق، والسماحة في العطاء.
المعادلة التي بين أيدينا تربط بين كثرة اللؤم وكثرة العار، والعار في اللغة هو: المَعِيبُ والمذمّةُ، وهو ما يُعَيَّر به الإنسان من قبيح الفعل أو سوء الخُلُق. وقيل: العارُ الإثم والفضيحة.
فالعار، هو الأثر الاجتماعي والأخلاقي ِللّؤُم، لأن المجتمع لا يتقبَّله، لا يتقبَّل البخل والدناءة، والخِسَّة، ويرى ذلك وصمة عارٍ على جبين اللئيم الخسيس، عارا يلاحِقه في حاضره، ويشوِّه صورته في ذاكرة الأجيال.
وما أبيَنَ الفرق وما أعظمه بين الكرم واللؤم: الكريم ينشر خيره في الناس، ويوزِّع بِرَّه على المحتاجين، فيُكتب له الذِّكر الحَسَن على كُلِ لسان، وتنتشر سيرته الطَّيِّبة عبيراً يفوح مع الأيام، بينما اللَّئيم يكنِز ما لديه، ويبخل بما آتاه الله من فضله، ظنَّاً منه أنه يحفظ ماله من التَّلَف والضياع، لكنه في الحقيقة يسيء إلى سمعته، ويجلب لنفسه الخِزيَ والعار والشَّنار.
إن الإمام أمير المؤمنين (ع) ليحذِّرنا بقوله: "مَنْ كَثُرَ لُؤْمُهُ كَثُرَ عارُهُ" من هذه الصفة القبيحة التي تلقي بظلالها الخبيثة على صورة اللئيم وموقعه الاجتماعي، وعلى إرثه الذي يتركه خلفه، ذلك أن المجتمع دقيق في نظرته، ويقظ في رصد معادن الناس، وصارم في المحاسبة، ولئن كان يغضُّ طرفه عن بعض الصفات الأخلاقية، فإنه لا يغضُّه عن اللّؤم بحالٍ من الأحوال، يستوي في ذلك القريب والبعيد، بل لعل القريب أكثر نفوراً من اللئيم لأنه يكتوي بنار لؤمه وخساسته.
لذلك من المهمِّ للغاية أن يربي الإنسان نفسه على الكرم والسخاء، وأن يتحرَّر من قيود الأنانية، ويتذكَّر دائماً الآثار الخطيرة للرذائل الأخلاقية والسلوك المَعِيب، فما يفعله الإنسان في سلوكه اليومي إما أن يرفعه في الناس، أو يسقطه من أعينهم، ومن أراد أن يتجنّب العار، فليحرص على اجتثاث جذور اللؤم من نفسه قبل أن تستحكم وتورثه ما لا تمحوه الأيام.
بقلم الباحث اللبناني في الشؤون الدينية السيد بلال وهبي