ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

العِتاب لَومٌ على تضييع حقوق المَودَّة والمَحَبَّة والأخُوَّة والصداقة

23:27 - January 19, 2023
رمز الخبر: 3489575
بيروت ـ إکنا: العِتاب وإن كان فيه لَوْمٌ ولكنه يختلف عنه، وذلك أن العِتاب لَومٌ على تضييع حقوق المَودَّة والمَحَبَّة والأخُوَّة والصداقة، أما اللَّومُ فهو تنبيه على أمور واجبة التحقق، ويترتب على تركها ضَرَرٌ مادي أو معنوي، أو تنبيه من فعل أمور لا يجب أو لا يحْسُنُ فعلها لتَرتُّبِ ضرر مادي أو معنوي على فعلها، فاللَّوم فيه شِدَّةٌ وتأنيبٌ، بينما العِتاب فيه لُطفٌ ولِيْنٌ.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "الْعِتابُ حَياةُ الْمَوَدَّةِ".

العِتاب لَومٌ من طرف لآخر على سبيل الحُبِّ والإدلال والهداية، وإنما يُعاتَبُ من تُرجى عنده العُتبى، أي: الرجوع عن الإساءة، أو الذنب، أو ما هو أولى من ذلك.

والعِتاب وإن كان فيه لَوْمٌ ولكنه يختلف عنه، وذلك أن العِتاب لَومٌ على تضييع حقوق المَودَّة والمَحَبَّة والأخُوَّة والصداقة، أما اللَّومُ فهو تنبيه على أمور واجبة التحقق، ويترتب على تركها ضَرَرٌ مادي أو معنوي، أو تنبيه من فعل أمور لا يجب أو لا يحْسُنُ فعلها لتَرتُّبِ ضرر مادي أو معنوي على فعلها، فاللَّوم فيه شِدَّةٌ وتأنيبٌ، بينما العِتاب فيه لُطفٌ ولِيْنٌ، لأن منطلقه المحبة والمَوَدة، ولذلك قيل: لا يعتَب إلا المُحِبُّ، وقيل: لا عُتْبى بين الأعداء.

ويهدف العِتاب إلى الحفاظ على المودة بين المُعاتِبِ والمُعاتَب، وإحيائها بين الطرفين بعد أن أصابها الضَّعف بسبب ترك ما يجب أو يحسن فعله، أو فعل ما يجب أو يحسن تركه واجتنابه، وهذا ما يعنيه الإمام أمير المؤمنين (ع) بقوله: "الْعِتابُ حَياةُ الْمَوَدَّةِ"*. فإن الشخص إذا رأى من أخيه أو صديقه أو حبيبه ما يكره فعاتبه، فاعتذر له الآخر، أو بَيَّنَ له عُذرَه، أو خجِل من فعله أو قوله فأقلع عنه، فإن ذلك يحيي المودة بينهما، ويصير سبباً لدوامها بل زيادتها.

*أما لو حصل العكس فلم يعتب الصديق على صديقه والحبيب على حبيه رغم تركه ما يجب فعله، أو فعله ما يجب تركه، وبقي حاملاً في قلبه كراهة من ذلك، فسوف يتعكَّر صفو العلاقة بينهما، فيزداد حنقه، وتزداد الشُّقَة بينهما، وتضعف المودة شيئاً فشيئاً حتى تنعدم، وقد تتحول إلى عداوة وبغضاء.

ولا نجانب الحقيقة إن قلنا: إن العِتاب فَنٌّ، من أَتقَنه استطاع أن يعاتب من يجب معاتبته براحة دون أن يُخَلِّفَ في نفس المُعاتَبِ أثَراً سلبياً، بل يَقدِر بمرونته وانتقائه الكلمات العذبة الطيبة، أن يعيد إحياء المودة بينه وبين الطرف الآخر، ويحافظ على استمرارها وصفائها، وعليه فيجب أن يحذَر المُعاتِبُ مِنْ أن يَصِل في عتابه إلى درجة اللَّوم أو التقريع، لأن العِتاب في هذه الحالة تأتي نتائجه عكس ما يرغب، حيث تكون ردة فعل الطرف الآخر الصمت وعدم التفاعل، أو الهرب، أو القسوة في الرد دفاعاً عن نفسه، فتتسع المسافة بينهما بدل أن تضيق، وتستحيل المَوَدَّة عداوة.

واعلم قارئي الكريم أن للعِتاب آداباً يحسن بنا أن نهتمَّ بها، وأنا ذاكر لك بعضها:

أولاً: كُنْ لطيفاً في عتابك، مبتسماً، هادئاً، واختر الكلمات الطيبة التي تدخل إلى القلب، وتثير العقل، وإياك والكلام القاسي الجارح، أو القبيح الفاحش.

ثانياً: احرص على أن تعاتب حبيبك أو صديقك على انفراد، وإياك ومعاتبته أمام الآخرين فإن ذلك يؤدي إلى كشف المَستور من أمره، أو فضحه، وفي ذلك من الإهانة له والتجاوز على كرامته، والتشهير به، والغيبة، ما لا يرضاه الله تعالى.

ثالثاً: لا تُكثِر من العتاب، ولا تعاتب حبيبك في كل صغيرة أو كبيرة، فأنت تغلق عليه الأبواب، اتركها مفتوحة ليرجع إليك. ولا تترك العتاب، لأن الإكثار منه أو تركه ينتج عنهما النفور منه أو منك.

رابعاً: احرص على إنصاف من تعاتبه، فاذكر محاسنه وإيجابياته، فإن ذلك يُسَهِّل عليك الأمر، ويجعل ردة فعله إيجابية. فقل له: كل شيء فيك إيجابي إلا كذا، أو: لولا الفعل الفلاني لكنت من أفضل الناس عندي، وهكذا.

خامساً: تقرَّب بعتابك إلى الله تعالى، واحرص على أن يكون دافعك إليه لغاية شريفة نبيلة.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha