ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

الله حين يعطي الإنسان لايمنُّ علیه

12:04 - January 23, 2023
رمز الخبر: 3489625
بیروت ـ إکنا: إن الله سبحانه وتعالى حين يعطي الانسان لايمنُّ عليه رغم أن له الفضلُ والمِنَّة، ولا يُهينُه بما يعطيه، إن الانسان يسـأله فيعزّه بسؤاله، وحين يعطي الانسان يُغنيه عن شرارهم.

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "التَّقَرُّبُ إِلى اللّهِ بِالْمَسْأَلَةِ، وَإِلى النّاسِ بِتَرْكِها".

إذا أردتَ أن تتقرَّبَ إلى الله تعالى فاسأله، اسأله جميع حاجاتك، واطلب منه جميع ما يخطر في بالك، وهو قريب قريب قريب، بل أقرب إليك من حبل وريدك، بل أقرب إليك من نفسك، ورغم أنه يعلم حاجاتك كلها، بل يعلم ما لا تعلمه من حاجاتك ولكنه يُحِبُّ أن تسأله، ويُحِبُّ أن يسمع دعاءك، إنه ليأنسُ به، ويُحِبُّ أن يُؤنسك ويجالسك، وفي سؤالك منه ارتقاء روحي ومعنوي، نفس السؤال منه ارتقاء، نفس السؤال منه سبيل من سُبُل راحتك الروحية ورُقُيّك المعنوي.

إن مردود الدعاء والسؤال والطلب والشكوى والنجوى يرجع إليك أنت، فأما الله فهو الغَني، يحتاج الخلق إليه ولا يحتاج إلى أحد من خلقه، وهو سبحانه فيض مُطلق، وعطاء مُطلق، ورحمة مطلقة، ورأفة مطلقة، ولذلك فهو لا يضيق بسؤال السائلين، وطلب الطالبين، ورغبة الراغبين، وحاجات المحتاجين، وبابه مفتوح لهم، إنه يعطيهم قبل أن يسألوه، ومن دون أن يسألوه، فكيف إذا سألوه، ولو أن كل واحد من خلقه سأله أن يُعطيَه مقدار السماوات والأرض، فأعطاه ما سأل، ما نقص من ملكه قيد أُنمُلَة، وكيف ينقص مُلك هو قَيِّمُه.

والله حين يعطيك لا يمنُّ عليك رغم أن له الفضلُ والمِنَّة، ولا يُهينُك بما يعطيك، إنك تسـأله فيعزّك بسؤاله، وحين يعطيك يُغنيك عن شرارهم، وإن أعطاك من طريقهم فهو الذي يُسَخِّرهم لك، ويجعلهم واسطة بينك وبينه، فإن أردت أن تتقرَّب إلى الله فاسأل الله. فأمّا الناس فإن أردت أن تتقرب إليهم فلا تطلب منهم شيئاً، ولا تسألهم شيئاً، وابذل جُهدك أن تستغني عن شرارهم وفُجّارهم، فإن ارتفاع منزلتك عند الناس تكون بالاستغناء عنهم وترك مسألتهم، ألا ترى أنهم يحترمون الغَني القادر، ويوَقِّرون صاحب المقام والجاه، ويحتقرون الفقير المحتاج، ويفرّون ممن يقصدهم في حاجة ولو لم تكن حاجة مادية، حتى أنا وأنت قارئي الكريم نستثقل ذلك الذين يأتينا يطلب مالاً أو خدمة أو سدَّ حاجة، قِلَّة مِنّا مَنْ لا يتبرَّم من هذا، قِلَّة مِنّا من يرى في إعانة المحتاج كرامة وعبادة، أما معظمنا فيثقُلُ علينا حتى أن نراه ونسمعه، وإذا رأيناه تجَهّمنا في وجهه، وإن أعطيناه أعطيناه بنَكَدٍ ومَنَنَّا عليه.

وهذا ما يشير إليه الإمام زين العابدين (ع) في دعائه إذ يخاطب الله تعالى قائلاً: "...وَإِنْ وَكَلْتَنِي إِلَى خَلْقِكَ تَجَهّمُونِي، وَإِنْ أَلْجَأْتَنِي إِلَى قَرَابَتِي حَرَمُونِي، وَإِنْ أَعْطَوْا أَعْطَوْا قَلِيلًا نَكِداً، وَمَنّوا عَلَيّ طَوِيلًا، وَ ذَمّوا كَثِيراً". ورُوِيَ عنه (ع) أنه قال: "طَلَبُ الحَوائجِ إلى الناسِ مَذَلَّةٌ للحياةِ، ومَذهَبَةٌ للحَياءِ، واستِخفافٌ بِالوَقارِ، وهُو الفَقرُ الحاضِرُ، وقِلَّةُ طَلَبِ الحوائجِ مِنَ الناسِ هُو الغِنى الحاضِرُ" إن هذا لبرهان على أن الُقربَ مِنَ الناس إنما يكون بترك السؤال منهم، فبقَدْرِ ما تستغني عن الناس تصير مَحبوباً عندهم، ومُقرباً منهم، بل إنهم ليتقربون إليك، ويرغبون أن يكون لهم منزلة عندك.

 

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha