ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

الإنسان يحكم على الناس متأثراً بتفكيره

11:37 - January 24, 2023
رمز الخبر: 3489644
بيروت ـ إکنا: الإنسان يرى الناس بطبعه لا بطبعهم، ويحكم عليهم متأثراً بتفكيره لا كما هم في الحقيقة، فيتوقع منهم أفعالاً ومواقف كالتي تكون منه عادة، ويرى الفعل الجيد والفعل السيء حسب فرضياته وتوقعاته الناجِمَة عن طبعه وتفكيره.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "الشرِّيرُ لا يَظُنُّ بِأَحَدٍ خَيْراً لِأَنَّهُ لا يَراهُ إلاّ بِطَبْعِ نَفْسِهِ".

كما أن التربة الصالحة ينبت فيها النبات الصالح، ويثمر ثمراً صالحاً، والتربة الفاسدة الملوثة ينبت فيها نباتٌ يثمر ثمراً ملوثا فاسداً، كذلك الإنسان إن كان صالحاً رأى الناس صالحين، وظنَّ بهم خيراً، وحمَلَهم على أحسن المَحامل، وتعامل معهم بالخير، وإن كان شريراً رأى الناس أشراراً، وظنَّ بهم شراً، وعاملهم بالشَّر.

وقديماً قيل: كلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضَح، فإذا كان في الإناء عسل فإنه سينضح بالعسل، وإذا كان فيه سُمٌ فسينضح بالسُّمِّ، وإذا كان فيه ماء فسينضح بالماء، وهو مَثَلٌ أكثر ما يَرِدُ للحديث عن الإنسان السلبي الذي يُفرغ سلبياته في نظرته إلى الأمور، وفي حُكمه على الآخرين وتعامله معهم، فالإنسان كالإناء إذا امتلأ بالشَّرِّ والحقد وتصيًد السلبيات فلا يمكن إلا أن يفيض بالسلبية مهما حاولنا أن نحول دون ذلك.

الإنسان يرى الناس بطبعه لا بطبعهم، ويحكم عليهم متأثراً بتفكيره لا كما هم في الحقيقة، فيتوقع منهم أفعالاً ومواقف كالتي تكون منه عادة، ويرى الفعل الجيد والفعل السيء حسب فرضياته وتوقعاته الناجِمَة عن طبعه وتفكيره.

إن نظرة الإنسان إلى الآخرين هي مرآة ذاته في الحقيقة، فغالباً ما ينظر إليهم من خلال ذاته، فإذا كانت بواعث أفعاله ومواقفه هي المصلحة والمنفعة فإنه يظن بالناس ذلك، ويفترض أنهم على شاكلته، وإن كان الشرُّ هو الغالب عليه فإنه سيتوجَّسُ من الآخرين ويرتاب من كل مواقفهم وأفعالهم وإن كانت في الحقيقة خيراً.

ألا ترى قارئي الكريم كيف أن العميل يرى الناس عملاء، والخائن يرى الناس خونة، والسارق يرى الناس سُرَّاقاً، والنَّذَل يرى الناس أنذالاً، والكَذّاب يرى الناس كذّابين، والجَبان يرى الناس جُبَناء، والحقير يرى الناس حُقراء، وهكذا. إنه يراهم بعين نفسه، ولا يراهم كما هم حقيقة.

وعلى العكس من ذلك صاحب النفس الطيبة، والنوايا الحَسَنة، والأعمال الصالحة، فإنه يرى الآخرين من منظار نفسه ونواياه، فيُحسِنُ الظن بهم، ويحملهم على المحامل الحَسَنَة، يُنْقَل عن أحد العلماء الصالحين أنه استغرب حينما أخبر عن سارق سطا على أحد المنازل قرب الفجر فتساءل قائلاً: متى أنهى صلاة الليل حتى وسعه الوقت للسرقة؟

بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha