ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة....

مَنْ سَاءَتْ سَجِيَّتُهُ سَرَّتْ مَنيَّـتُهُ

22:16 - September 28, 2025
رمز الخبر: 3501796
بيروت ـ إکنا: إن كانت سَجِيَّة المَرء حسَنَةً ترك أثراً طيباً يخلّد ذكره بعد رحيله، أما إذا كانت سَجِيَّته سَيِّئَةً خبيثة، صار وجوده ثقيلاً على الناس ووبالاً عليهم، وأصبح موته راحة لهم، لأنه يرفع عنهم شراً طالما أثقل حياته، وأزعجهم، وأساء إليهم.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ سَاءَتْ سَجِيَّتُهُ سَرَّتْ مَنيَّـتُهُ".

وما زلنا قارئي الكريم نتعلم في مدرسة الإمام أمير المؤمنين (ع)، نهتدي بهديه، ونستضيء بكلماته الوضَّاءة، ينير بها دروب الحياة، ويعلِّمنا معادلاتها وقوانينها وسُنَنَها، ومن تلك المعادلات، المعادلة التي بين أيدينا، والتي تربط بين سوء سَجِيَّة الشخص وأخلاقه وعاداته، وسُرور الناس بموته، شعوراً منهم بالراحة منه ومن سوء أخلاقه التي عانوا منها طويلاً.

السَّجِيَّة قارئي الكريم، هي ما يرسَخ في نفس الإنسان من طبع أو خلق ثابت، يصدر عنه تلقائياً بلا تَكَلُّف، حتى تصبح طبعاً ثانياً له، أو مَلَكَة نفسية في اصطلاح علماء الأخلاق، فقد تكون سجيةً طيبة كالصدق والوفاء والإخلاص والأمانة والرحمة، أو سَيِّئة كالكذب والخيانة والفجور والظلم والحقد.


إقرأ أيضاً:


فإن كانت سَجِيَّة المَرء حسَنَةً ترك أثراً طيباً يخلّد ذكره بعد رحيله، أما إذا كانت سَجِيَّته سَيِّئَةً خبيثة، صار وجوده ثقيلاً على الناس ووبالاً عليهم، وأصبح موته راحة لهم، لأنه يرفع عنهم شراً طالما أثقل حياته، وأزعجهم، وأساء إليهم.

لقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "النّاسُ اثْنَانِ: واحِدٌ أَراحَ، وآخَرُ اسْتَراحَ؛ فأمّا الّذي اسْتَراحَ فَالمُؤْمِنُ إِذَا مَاتَ اسْتَراحَ مِنْ الدُّنْيا وَبَلائِهَا، وأَمّا الّذي أَراحَ فَالكافِرُ إذا مَاتَ أَراحَ الشَّجَرَ والدَّوابَّ وكثيراً مِنْ النّاسِ".

ورُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع): "مَوْتُ الأبرارِ راحَةٌ لِأَنْفُسِهِم، ومَوْتُ الفُجّارِ راحَةٌ لِلْعَالَمِ".

وعنه (ع) أنه قال: "عاشِروا النّاسَ مُعاشَرَةً إِن غِبتُم حَنُّوا إِلَيْكُم، وَإِن مِتُّمْ بَكَوْا عَلَيْكُم".

هذه الأحاديث الشريفة تفيد نفس مفاد المعادلة التي بين أيدينا: الإنسان أخلاق، فإذا ذهبت أخلاقه ذهبت إنسانيته، إنه مخلوق اجتماعي يأنَس بغيره، ويأنَسون به، يألَفهم ويألَفونه، ولا خير فيمن لا يألَف ولا يُؤلَف، فإذا ساءت سجايا الإنسان صار كالوحش بين الناس، ينفرون منه كما ينفرون من الوحش المفترس، ولذلك قال رسول الله (ص): "خِيارُكُم أحاسِنُكُم أخلاقاً، الَّذينَ يَألَفونَ ويُؤلَفونَ".

إن هذه التعاليم الراقية لتدعونا إلى معاملة الناس بالحُسنى، ومرافقتهم بالخُلُق الحَسَن، واللُّطف معهم، والرّأفة بهم، والعدل فيهم، والمَودة لهم، ومن أهم آثار ذلك أن يرغبوا في مجالستنا، والتعامل معنا، ويرتاحوا إلينا، وتنشرح صدورهم لنا، وأن يكون حضورنا بينهم سبباً لسعادتهم وسرورهم، إن غِبنا افتقدونا واشتاقوا وحنُّوا إلينا، وإذا مِتنا شعروا بالخسارة الفادحة والمصيبة الفاجعة، وتألموا لفقدنا، وذكرونا بالخير، وبقينا أحياءً فيهم ولو أخذ الموت أبداننا، فالقيمة الحقيقية للإنسان هي: أن يُذكَر بخير بعد موته، لا أن يُنسى أو يُلعن.

بقلم الباحث اللبناني في الشؤون الدينية السيد بلال وهبي

captcha