ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ....

فطر الله الإنسان على حبِّ الخير

21:54 - March 28, 2023
رمز الخبر: 3490529
بيروت ـ إکنا: فطر الله الإنسان على حبِّ الخير والصلاح وكُرْهِ الباطل والفساد، فالخير والصلاح فيه هما الأصل، والشَّرُّ والفساد قد يعرضان عليه لأسباب عديدة، كالبيئة الفاسدة، أو التربية الخاطئة، أو الصحبة المنحرفة، أو الجهل، أو الخضوع للأهواء والشهوات، أو العَجز عن مواجهة ضغوط الحياة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "إِنْ سَمَتْ هِمَّتُكَ لإِصْلاحِ النّاسِ فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ، فَإِنْ تَعاطَيْتَ إصلاحَ غَيْرِكَ وَنَفْسُك فاسِدَةٌ فَهُوَ أَكبَرُ عَيْبٍ"

فطر الله الإنسان على حبِّ الخير والصلاح وكُرْهِ الباطل والفساد، فالخير والصلاح فيه هما الأصل، والشَّرُّ والفساد قد يعرضان عليه لأسباب عديدة، كالبيئة الفاسدة، أو التربية الخاطئة، أو الصحبة المنحرفة، أو الجهل، أو الخضوع للأهواء والشهوات، أو العَجز عن مواجهة ضغوط الحياة.

والله سبحانه يعلم أن الإنسان مخلوق ضعيف يتأثَّر بما سبق ذكره، فهو الذي خلقه، وهو الذي ركَّبَ فيه شهواته وغرائزه، فإن كان منه شرٌّ أو انحراف عن الصراط الأقوم أو فساد، فإنه تعالى لا يغلق بابه في وجهه بل يدعوه إلى التوبة والإنابة وإصلاح ما أفسد، ويعينه على ذلك، شَرْطَ أن يكون جاداً في الإنابة، عازماً بقوة على إصلاح نفسه، وقد هيّأ له ما يُعينه على الصلاح والسير على صراط الهداية، فبعث إليه رسله، وأنزل إليه كتبه وشرائعه، ووهبه العقل الذي يميز به الخير من الشر، والصحيح من الخطأ، وقد يبتليه ليوقظه ويرجعه إلى ما يجب أن يكون عليه، ويجعل له في كل حادثة تحدث موعظة تَعِظُه وذِكرى تُذَكِّرُه، وبعد كل هذه العناية الربانية بهداية الإنسان فإنه لمن أكبر العيب أن لا يصلح نفسه ويزكيها ويهذِّب أخلاقها، وإنه لمن أكبر العيب كذلك أن يغفل عن عيوب نفسه، وما من أحد يخلو من العيب إلا الذي عصمه الله تعالى.

إن بعضنا قارئي الكريم يغفل عن عيوبه، فلا يرى منها شيئاً، لكنه يرى في الناس ما لا يُرى، يُغمض عينيه عن عيوبه، ويظل محدقاً في عيوب الناس، ينقِّب عنها كمن ينقب عن الذَّهب والجواهر الدفينة، ثم يجعل من نفسه واعظاً يعظهم، ومصلحاً يريد أن يصلحهم، ومؤدباً يريد أن يؤدّبهم جميعاً، والأجدر به أن يقف على عيوبه، وينظر إلى نفسه، ويعمل في تهذيبها وتزكيتها وتنمية فضائلها.

والإمام أمير المؤمنين (ع) يتوجَّه إلى هذا الصنف من الناس فيقول: "إِنْ سَمَتْ هِمَّتُكَ لإِصْلاحِ النّاسِ فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ، فَإِنْ تَعاطَيْتَ إصلاحَ غَيْرِكَ وَنَفْسُك فاسِدَةٌ فَهُوَ أَكبَرُ عَيْبٍ" فيا أيها المنشغل بتهذيب نفوس الآخرين وإصلاحها، ويا من يروم تغييرهم إلى الأفضل ابدأ بنفسك أولا، كي لا تكون آمراً بما لا تفعل، وناهياً عما تفعل، إن إصلاح نفسك شرط لإصلاح الآخرين، إذ كيف تُصلحهم وأنت فاسد، وكيف تنهاهم عن عيب هو فيك، فكما تعيب عليهم يعيبون عليك، وكما تراهم محتاجين إلى الإصلاح فإنهم يرونك كذلك.

واعلم أن إصلاحك لهم بالقدوة أعظم من إصلاحهم بالكلام، فإن الناس ينجذبون إلى القدوة الحسنة ويحبون أن يقتدوا بها ويحاكوها في نمط حياتها وقيمها، فإن رأوك صالحاً أحبوا الصلاح وصاروا صالحين، وإن رأوك صادقاً اقتدوا بصدقك، أو أميناً اقتدوا بأمانتك، فابدأ بنفسك أولاً فهي الأولى بالاهتمام، والأكثر تأثيراً في إصلاح الناس وهدايتهم إلى التي هي أقوم.

بقلم الکاتب والباحث اللبنانی في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha