ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

مَنْ عُدِمَ إِنْصافُهُ لَمْ يُصْحَبْ

22:46 - August 05, 2025
رمز الخبر: 3501205
بيروت ـ إکنا: إن واحدة من أهمِّ الصفات التي يجب أن يكون متصفاً بها من تصاحبه أن يكون منصفاً معك، وواحدة من أهم الصفات التي تجتذب الآخرين إلى الشخص أن يكون منصفاً، فاذا انعدمت منه هذه الصفة نفر الناس منه، ولم يكن جديراً بالصحبة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ عُدِمَ إِنْصافُهُ لَمْ يُصْحَبْ".
 
واحدة من أهمِّ الصفات التي يجب أن يكون متصفاً بها من تصاحبه أن يكون منصفاً معك، وواحدة من أهم الصفات التي تجتذب الآخرين إلى الشخص أن يكون منصفاً، فاذا انعدمت منه هذه الصفة نفر الناس منه، ولم يكن جديراً بالصحبة. 
 
الإنصاف: هو العدل في المعاملة، وذلك بألَّا يأخذ الإنسان من صاحبه من المنافع إلا ما يعطيه، ولا يُنيله من المضارِّ إلا كما يُنيله، ومنه أن ينصف المرء خالقه، فيُقِرَّ له بالرُّبوبية، ولنفسه بالعبوديَّة، وأن ينصف رسول الله (ص) وأولياءه المعصومين (ع) بالقيام بحقوقهم، وأن ينصف المرء نفسه من نفسه، فيحب لغيره ما يحب لنفسه، وأن ينصف العباد بأن يعاملهم بِمثل ما يحب أن يعاملوه به .

الإنصاف جوهر العلاقات، وهو ليس فضيلة أخلاقية وحسب، بل هو روح العدالة في المعاملة، وهو أن يزن الشخص الأمور بميزان العدل لا الهوى، وأن يعطي كل ذي حق حقه، سواء كان ذلك في القول أو الفعل، وبكلمة أخرى: الإنصاف يعني أن ترى الآخرين كما ترى نفسك، وألّا ترضى لهم ما لا ترضاه لنفسك، وألا تظلم وإن قدرت، ولا تجور وإن أمكنك ذلك.
 
ومن هنا، فإن من يُعدَم الإنصاف -أي من يخلو سلوكه من العدل والاعتدال في المعاملة- فسُرعان ما ينفر منه الناس، فلا يُصاحب، ولا يُؤتمن، ولا يُطمأن إليه، لأن العلاقة معه قائمة على رجحان كفّة ذاته، وميل ميزانه نحو مصلحته، ولو على حساب الغير.
 
الصحبة عهد يقوم بين شخصين أو أكثر على أساس من الثقة والعدل والاحترام المتبادل، ليكونوا روحاً واحدة في جُسومٍ متفرقة، كما يقول الإمام أمير المؤمنين (ع)، فإذا دخلت الأنانية أو الظلم في العلاقة، انهارت الصُّحبة والصداقة والأُخوَّة، كما ينهار بيت الرمل الذي يبنيه الأطفال للتسلية على شاطئ البحر، فمن لا ينصف صاحبه، لا يُؤتمن على وِدٍّ، ولا يُرجى منه وفاء، لأنه يضع نفسه دائماً في موقع الأولوية ولو بالباطل، ويتمركز حول ذاته، ويعجز عن الإقرار بإيجابيات الآخرين وفضلهم، ولذلك ينفضُّ الناس من حوله وينفرون منه.
 
في هذا السياق تأتي المعادلة التي نبَّه إليها الإمام أمير المؤمنين (ع) لتكون ميزاناً نَزِنُ به أهلية الشخص للصحبة، فالصاحب الذي لا ينصف صاحبه لا يكون جديراً بالصحبة، لأنه لا يُعلَم متى يظلم صاحبه ويجور عليه.
 
ما ينطبق على الشخص في هذا المجال ينطبق أيضاً على الدول، فالدول التي ليس في قاموسها إنصاف لا يمكن أن تبنى معها علاقات قائمة على أساس متين، ولا يمكن أن يُتحالَفَ معها، ولا يمكن أن يُراهَنَ عليها، فكيف إذا كانت دولاً أنانية قائمة في أصل وجودها على الظلم والطغيان والنهب، واستباحة الأوطان، وإخضاع الشعوب بالقوة، والكيل بمكيالين، وإخضاع القوانين والمؤسسات الدولية لمصلحتها؟!
 
ما نستخلصه مِمَا سبق أن الإنصاف من أهم ركائز العلاقات الإنسانية، وأن الشخص العادل المنصف، يُقبل الناس عليه، ويرغبون في صداقته، وإن قَلَّ ماله، ولم يكن صاحب سلطة ووجاهة اجتماعية، أما الشخص الذي لا ينصف الناس بل يظلمهم ويجور عليهم، فقد يهابُونه لكنهم لا يحبونه، بل يتمنون الخلاص منه.

بقلم الباحث اللبناني في الشؤون الدينية السيد بلال وهبي
captcha