ایکنا

IQNA

الوفود العربية وتهويلات الحرب

19:09 - November 28, 2025
رمز الخبر: 3502593
بيروت ـ إکنا: إنّ العرب بوفودهم المبجّلة ليس عليهم أن يقلقوا على لبنان، طالما أن أقدامهم تحترق بالنار المستعرة من حولهم! فالحرب قادمة بدوافع انتخابية،وما أطروحة نزع السلاح إلا ذراً للرماد في العيون،وتمويهًا على العالم بأن إسرائيل تستشعر مخاطر السلاح!

كم هو مؤسفٌ أن تأتي الوفود العربية،لإسماع اللبنانيين صوت طبول الحرب الإسرائيلية على لبنان!؟ نحن نفهم تدخلات الدول الغربية الاستعمارية، ومسارعة كل حلفاء إسرائيل، لفرض شروط الاستسلام على اللبنانيين! أما أن تبادر بعض الدول العربية بعد حرب الإبادة في قطاع غزة، لإحاطة لبنان علماً باتخاذ قرار الحرب جواً وبرّاً على لبنان، فهذا مما لا يمكن استساغته، أو النظر إليه على أنه مبادرة حسن نية! 

فهؤلاء يعلمون أن لبنان التزم باتفاق وقف اطلاق النار، ولم يحصل منه أي خرق في مواجهة العدو الصهيوني، بل نراه يقدّم المبادرات للتفاوض على مرأى ومسمع العرب! فما معنى أن تأتي الوفود لتحذير لبنان من الاعتداء الإسرائيلي مجددًا؟ فهل لدى هؤلاء ما يقدّمونه لمنع الحرب؟ وما هي أطروحة هؤلاء  للحل بعد عام من العدوانية على لبنان؟ فهم يقولون لإخوانهم اللبنانيين عليكم القبول بالشروط الإسرائيلية! هذه هي حقيقة الموقف،وكأن لبنان بحاجة لمثل هذه النصائح! ألم يكن من الاجدى،بل مما هو أولى، أن يذهب هؤلاء إلى السودان، وليبيا… لإيقاف حروب الإبادة في هذه البلاد لما تشكله من مخاطر على الأمن القومي العربي! فكل الحروب العربية مدعومة ومموّلة بالمال العربي، ولعل ما جرى ويجري في السودان يفوق ما جرى في غزة! 


إقرأ أيضاً:


إن أحدًا لا يفهم معنى تزاحم الوفود العربية رغم علمهم المسبق بأن لبنان قدّم كل ما هو مطلوب منه لتطبيق القرار ١٧٠١ ،فإذا بهم يراكمون النصائح، وأحيانًا التحذيرات، وكأن الشعب اللبناني لا يعي مخاطر المرحلة، أو لا يقيم وزنًا لما استجد من تحولات وتبدلات في موازين القوة! فالتجربة اللبنانية مع العدو الصهيوني،هي بالتأكيد مختلفة شكلًا ومضمونًا عن تجارب العرب والمسلمين مع هذا العدو، فلا يعقل أن تأتي نصائح الوفود بوحي من تجاربهم! أو أن يطلب من لبنان تغيير قواعده أو مبادئه في ما اختاره من وسائل لخوض حرب المقاومة ضد العدو!؟

 فإذا كان العرب يخافون على لبنان من حرب مقبلة عليه، فليبادروا فورًا إلى تحسّس المخاطر عليهم، لأن العدو عازم على استهداف كل الدول العربية! فكان الأجدى تأييد ودعم مبادرة الرئاسة اللبنانية، بدلًا من ممارسة الضغوط، وإثارة التخويفات! فإذا كان العرب يرون المخاطر محدقةً بالوطن اللبناني،فعليهم نصرة إخوانهم، وتقديم الدعم اللازم لهم،لا أن تثار أمامهم وعليهم عواصف التهديد والوعيد! إنها مفارقة عجيبة أن تكون الوفود العربية في طليعة الوفود المحذّرة والمهدّدة مما قد يتعرض له لبنان من عدوان! لقد عهدنا هذا من العرب، قديمًا وحديثًا،وكأنهم في منأى عن الحرب، وهم يرون العدو يعتدي في كل البلاد العربية،وما جرى على قطر خير دليل على أن العرب ليسوا بمنأى عن ذلك!؟

ومن هنا نقول: فليقلع العرب قبل غيرهم عما يسمى بالوساطة لتحقيق الأمن والسلام كما يزعمون! فإسرائيل ترى الظروف مؤاتية، في ظل الحكم الأمريكي، للتقدم خطوات في إنجاح مشروع إسرائيل الكبرى، وترى في المقاومة اللبنانية حائلًا دون ذلك،فإذا لم تحقق انتصارًا استراتيجيًا بعد إخفاقات كثيرة في غزة، واليمن، ولبنان، وإيران، فإنها ستواجه مآزق كثيرة في داخل الكيان،وهذا ما يدفع باليمين الإسرائيلي المتطرف إلى مزيد من المغامرات علّه يحقق بعض النتائج لتعزيز فرصة فوزه في الانتخابات المقبلة!

فالعرب بوفودهم المبجّلة ليس عليهم أن يقلقوا على لبنان، طالما أن أقدامهم تحترق بالنار المستعرة من حولهم! فالحرب قادمة بدوافع انتخابية،وما أطروحة نزع السلاح،إلا ذرًا للرماد في العيون،وتمويهًا على العالم بأن إسرائيل تستشعر مخاطر السلاح!وهم يعلمون أنه لو اجتمع العالم كله على أن ينزع بندقية واحدة،لما استطاع إلى ذلك سبيلًا! وغدًا تعرف وفود الأخوة العربية مستوى الخيبة في ما يعدّ له العدو من حرب على لبنان.وبحق نقول: إن العرب لو تدبّروا جيدًا لعلموا أن لبنان هو أقوى من أي بلد عربي في الدفاع عن نفسه،وعن عروبته!وإذا كان ثمةُ خشية من الحرب،فلتكن على النظام العربي برمته،وليس على لبنان.

بقلم أ.د فرح موسى:رئيس المركز الإسلامي للبحوث والدراسات القرآنية في لبنان

captcha