ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

أنجح الأمور ما أحاط به الكتمان

16:53 - February 21, 2023
رمز الخبر: 3490051
بيروت ـ إکنا: نجاحُ الانسان مشروط بالكتمان، وتمَيّزه في سوق العمل مشروط بالكتمان، وأهدافه لايمكن أن تتحقِّق إلا بالكتمان، وخصوصياته الشخصية، والأسرية، والعملية، يصونها الكتمان.

أنجح الأمور ما أحاط به الكتمانورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "أَنْجَحُ الأُمُورِ ما أَحاطَ بِهِ الْكِتْمانُ".

الكِتمان ثُمَّ الكِتمان ثُمَّ الكِتمان، لا تنسى هذه الكلمة قارئي الكريم، فنجاحُك مشروط بالكتمان، وتمَيّزك في سوق العمل مشروط بالكتمان، وأهدافك لا يمكنك أن تحقِّقها إلا بالكتمان، وخصوصياتك الشخصية، والأسرية، والعملية، يصونها الكتمان، ومهابتك، وسلطانك، وحضورك الاجتماعي، وقوة تأثيرك في الأوساط، واحترام الناس لك، واحد من أسبابه الكتمان، في كل شيء تقريباً أنت محتاجٌ إليه، فإن المتربصين بك كثير، والحاسدين لك كثير، ومن لا يرعوي عن وضع العراقيل أمامك كثير، وكلٌّ يريد أن يعرف خصوصياتك، وأعمالك، ونشاطاتك، وعلاقاتك، ومصادرك ومواردك، ولو أتيح لهم أن يعرفوا ما يجول في ذهنك لما تأخروا لحظة عن ذلك.

فاكتُمْ ثُمَّ اكتُمْ ثُمَّ اكْتُمْ، اكتُمْ نواياك، وأسرارك، وخططتك، وخصوصياتك، اكتم حزنك، وغضبك، وهمومك، ومشاكلك، وحتّى مرضك إن كنت مريضاً (لا قدر الله) واكتم ما يلوح لك من فُرص، وما يعترض طريقك من عوائق وعقبات، فإنك لن تنجح إذا كنت مكشوفاً أمام الآخرين.

فقد تَعزِم على البدء بعمل ما فإن كشفته سبقك الآخرون إليه، وقد تختار التجارة في صِنف من الأصناف فإن عرفه الناس أسرعوا إليه قبلك، وقد تكشف ما يدور في أُسرتك من مشاكل زوجية أو أسرية، فإن عرف بها الآخرون استغلّوا ذلك، ونَفَذوا إلى مآربهم من الباب الذي فتحته لهم بإرادتك، أو بقلة وَعْيٍ منك.

واعلم أن كتمان أمورك يعتبر من أهم الدوافع التي تدفعك إلى إنجاز ما تريد، لأنك إن لم تكتم ما تعزم فعله فغالباً ما يضيع هدفك وهذا أمر جرَّبه مُعظمنا، كُلُّ أمر تكلمنا فيه قبل إنجازه ضاع وتلاشى، وبقي فكرة مجرَّدة يَسُرّنا أن نتحدث فيها، ولكننا لا نندفع إلى إنجازها.

لقد قرأتُ دراسة أجراها فريق بقيادة الباحث والبروفیسور (بيتر غولويتز) حيث أجرى أربعة اختبارات على مجموعة من الأشخاص، فخلصت دراستهم إلى نتيجة مفادها: أن الأشخاص الذين يكشفون عن أهدافهم للأخرين، لا يحققونها في الغالب، أما الأشخاص الذين يكتمون أهدافهم ولا يبوحون بها قط هم الذين يحققونها.

قد يُدهشكَ ذلك، وقد ترى فيه عَجَباً، ولكنْ يجب أن تعلم بأن مشاركة أهدافك مع الأخرين قد تجعلك تشعر بالرِّضى والإنجاز وكأنك حققتَ هدفك بالفعل، لِذا تقِل دافعيتك لتحقيق الهَدَف على أرض الواقع.

واعلم أيضاً: أن المُثَبِّطين كثيرٌ، عندما يعرفون ما تنوي مباشرته من أعمال فغالباً ما يُثَبِّطونك، ويهوِّلون عَليك، ويزرعون اليأس في نفسك، فلا تحصد إلا الخيبة والفشل.

وهناك من يَسوؤه أن تفعل ما تريد فعله فلا يكتفي بالتهويل والتيئيس، بل ينطلق بكل ما أوتي من عَزمٍ ليضع العراقيل في طريقك، وينتشي لكل فَشَل يكون لك.

وهناك من يأتيك ناصحاً، بل قد يكثر الناصحون، وقد يكونوا من أهل الخير، ولكن كثرة النصائح وهطولها عليك من هنا وهناك يجعلك تضيع بينها، وتكون النتيجة هي القعود عن العمل.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha