ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

العقل ينير دروب الإنسان ويضيء حياته

10:58 - February 22, 2023
رمز الخبر: 3490064
بیروت ـ إکنا: ینیر العقل دروب الإنسان، ويضيء حياته، فهو النور الذي يمشي به في الظلمات، وبه يعبر الأزمات، وبه يتخطَّى العوائِق والمَصاعب، وقد وصفه النبي الأكرم (ص) فقال: "مَثَلُ العَقلِ في القَلبِ كَمَثَلِ السِّراجِ في وَسَطِ البَيتِ".

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "أَدْرَكُ النّاسِ بِحاجَتِه ذُو الْعَقْلِ الْمُتَرَفِّقُ".

ويدرك الشخص العادي حاجته أو بعضها، حتى قليل العقل، لأن الله سبحانه يُيَسِّر أمور خلقه، ويقضي حوائجهم، إمّا بمباشرتهم أنفسهم، أو بتسبيب الأسباب لهم، ولو تركهم الله وشأنهم ما أكل منهم آكِلٌ ولا شَرب شارب، ولا حصل أحد منهم على حاجة، لكن أنجح الناس في أعمالهم، وأدركهم لحاجاتهم، وأَوْلاهم ببلوغ غاياتهم، هم العقلاء المُتَرَّفقون في أعمالهم.

أما العقل: فهو الأمير على أفكارهم وجوارحهم ونشاطاتهم، وهو تلك القدرة الخلّاقة التي وهبها الله للإنسان، بها يُمَيِّز بين الأمور الحَسَنَة والأمور القبيحة، وبين الخطأ والصواب، وبين الخير والشَّرِّ، وبين ما يجب فعله وما يجب اجتنابه، وبه يُفكِّر ويُحلِّل ويكتشف، وبه يفهم كُنْهَ الأشياء وماهياتها وحقائقها، وبه يتَطوَّر ويتقدم، وبه يخترع ويبتكر، وبه يتدبَّر في عواقب الأقوال والأفعال، وبه يرسم مساراته في الحياة، وهو الضابط الذي يضبط أهواءه وغرائزه، ومشاعره وعواطفه، وانفعالاته ومواقفه، العقل ينير دروب الإنسان، ويضيء حياته، فهو النور الذي يمشي به في الظلمات، وبه يعبر الأزمات، وبه يتخطَّى العوائِق والمَصاعب، وقد وصفه النبي الأكرم (ص) فقال: "مَثَلُ العَقلِ في القَلبِ كَمَثَلِ السِّراجِ في وَسَطِ البَيتِ".

ووصفه الإمام أمير المؤمنين (ع) بأنه: *"أَقْوَى‏ أَسَاسٍ، ومَركَبُ العِلمِ، ومُنَزِّهٌ عَنِ المُنكَرِ، آمِرٌ بِالمَعروفِ، ومُصلِحُ كُلِّ أمرٍ، وحُسامٌ قاطِعٌ، ورَسُوْلُ الحَقِّ، ورُقِيٌّ إلى عِلِّيِّيْنَ، ويُحْسِنُ الرَّوِيَّةَ، ويُوجِبُ الحَذَرَ، ويَهْدي ويُنْجِي، وأَغْنَى الغِنَى، ولا يُسْتَعانُ على الدَّهْرِ إلا بِهِ".

وقال (ع): "أفضَلُ حَظِّ الرَّجُلِ عَقلُهُ، إن ذَلَّ أعَزَّهُ، وإن سَقَطَ رَفَعَهُ، وإن ضَلَّ أرشَدَهُ، وإن تَكَلَّمَ سَدَّدَهُ" ورُوِيَ عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: "دِعامَةُ الإنسانِ العَقلُ، ومِنَ العَقْلِ الفِطْنَةُ والفَهْمُ والحِفْظُ والعِلْمُ، فإذا كانَ تَأييدُ عَقلِهِ مِنَ النّورِ كانَ عالِماً حافِظاً ذَكِيّاً فَطِناً فَهِماً، وبِالعَقلِ يَكمُلُ، وهُوَ دَليلُهُ ومُبصِرُهُ ومِفتاحُ أمرِهِ".

ولا كلام بعد كلام المعصومين (ع) فبه يتبيّن دور العقل في إنجاح الأمور، وإدراك الحاجات، وتحقيق الرغبات، فإذا وجدتَ نفسك تحاول وتحاول ثم تُخْفِقُ في تحقيق ما تريد، فعليك أن تَتَّهِم نفسك، فلعلَّك لا تتصرَّف بعقلانية، أو تتعَجَّل الأمور، أو لا تتدبر في عواقبها، أو لا تهيئ كل أسبابها!

وأما التَّرَفُّقُ في الأمور: فذلك ما يُوجِبه العقل ويأمر به، والتَّرَفْقُ هو: اللُّطْفُ واللِّينُ، والمُداراة مع الآخرين، وهو ضِدُّ العُنْفِ والشِّدَّةِ والصَّلَف والفظاظة والغِلظة والإسفاف، ويأْتي بِـمعنى اليُسْرِ، والسُّهُولَةِ فمَنْ يكُ رَفيقاً لَيِّنا سَهلاً في تعامله، مُدارياً الناس وأوضاعهم ومستويات تفكيره، لطيفاً في تعامله معهم، لا بد وأن ينجح في أموره، ولذا كان الرِّفق واللِّين من أهم الصفات الكريمة التي يجب أن يتحلّى بها من يتعامل مع الناس، سواء أكان زوجاً أم رَبَّ أُسرة، أم فردا من أفرادها، أم مُعلِّماً، أم تاجراً، أم سياسياً، أم إماماً للناس، أم رسولاً لله إليهم.

فإن التَّرَفُّق بالناس يستقطبهم إليه، ويجعل له في قلوبهم وُدَّا، قال تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ..."﴿159/ آل عمران﴾*. فالرِّفق واحد من أهم عناصر التواصل الاجتماعي، وهو يؤدِّي إلى نشر المَودة والرحمة بين أفراد المجتمع، بما يحقَّق تماسك الأسرة والمجتمع، ولهذا أكَّدَ الإسلام على لسان النبي (ص) والأئمة الأطهار (ع) أهمية الرِّفق والتَّرَفُّق، قال رسول الله (ص): "الرِّفقُ نِصفُ المَعِيشَةِ" وقال: "إذا أرادَ اللَّهُ بأهلِ بيتٍ خَيراً أدخَلَ علَيهِم بابَ رِفقٍ". وقال الإمام عَلِيّ (ع): "الرِّفقُ مِفتاحُ النَّجاحِ" وقال: "الرِّفقُ بالأتباعِ مِن كَرَمِ الطِّباعِ".

بقلم الكاتب اللبناني والباحث في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha