ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الرّغبة في الفضائل أمر فطري في الإنسان

13:56 - June 28, 2023
رمز الخبر: 3491741
بيروت ـ إکنا: إنّ الرّغبة في الفضائل ومكارم الأخلاق أمر فطري في الإنسان، وأن يكون المَرءُ مستجمعاً للفضائل والمكارم رغبة فطرية كذلك، فلا أحد يحِبُّ أن يكون مَجمَعاً لنقائص الأخلاق ورذائلها، والدليل على ذلك أن لا أحد يرضى بأن يُنعَتَ بأنه سَيِّء الأخلاق.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "تَخَيَّرْ لِنَفْسِكَ مِنْ كُلِّ خُلْقٍ أَحْسَنَهُ فَإِنَّ الْخَيْرَ عادَةٌ".

كيف أُصبِحُ رجلاً أخلاقياً، ذا صفات أخلاقية راقية، وفضائل كريمة عالية؟ هذا سؤال يجول في خاطر كل واحد مِنّا، فالرّغبة في الفضائل ومكارم الأخلاق أمر فطري في الإنسان، وأن يكون المَرءُ مستجمعاً للفضائل والمكارم رغبة فطرية كذلك، فلا أحد يحِبُّ أن يكون مَجمَعاً لنقائص الأخلاق ورذائلها، والدليل على ذلك أن لا أحد يرضى بأن يُنعَتَ بأنه سَيِّء الأخلاق، حتى الشِّرِّير قد يحسب أنه على خير، وإن لم يكن كذلك فهو يريد أن يكون على خير ولكنه يعجز عن ذلك لضعف إرادته وعزمه، أو لتسرُّعه، أو لاعتياده على صفات رذيلة قاهرة، أو لأسباب أخرى، ولِكُلٍّ مِنّا أسبابه وظروفه التي يستسلم لها أو يعتاد عليها. 

ما ذكرته آنفاً لا يهدف إلى التبرير للأشرار والمُتَخلِّقين بالأخلاق الرذيلة، بل يهدف إلى توصيف واقعهم وحسب، فإن الإنسان مأمورٌ عقلاً وشرعاً بتهذيب أخلاقه، وهو قادر على ذلك بلا شك، فهو من جهة مفطور على ذلك، وما يتلاءم مع الفطرة مقدور عليه بلا ريب، وهو من جهة أخرى قادر على تغيير طباعه وسُلوكياته شرط أن تتوفر فيه الإرادة القوية والعزيمة الراسخة، ولو لم يك قادراً على ذلك لكان الأمر بتهذيب الأخلاق لَغواً والعقل لا يكون منه لَغوٌ، والله تعالى لا يكون منه لَغوٌ، تعالى عن ذلك علواً كبيراً، ولا يُكلِّف بأمر غير مقدور عليه. فإن أوامر الله ونواهيه تقوم على مراعاة قدرة الإنسان العقلية والنفسية والبدنية، فإذا توجَه إليه بأمر كشف ذلك عن قدرته على فعله.

فالأمر إذا رهن قناعة الإنسان بتغيير حاله، وإرادته في تهذيب أخلاقه، وتفعيل ما أودع الله فيه من فضائل وتنميتها، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿7﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿8﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴿10﴾ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا"﴿10/ الشمس﴾.

إن الإنسان كائن مُزوَّدٌ باستعدادات متساوية للخير والشر، والهدى والضلال، وفي وجوده تكمن فضائل ورذائل في صورة استعدادات، وهو قادر على التمييز بينها، وتوجيه نفسه نحو الخير والهُدى والتَّحَلِّي بالفضائل، وتأتي الرسالات السماوية والهدايات النبوية، والعوامل الخارجية من بيئة نظيفة وأصدقاء أخيار وتربية سليمة، لتوقِظَ تلك الاستعدادات وتشحذها وتوجهها بالاتجاه السليم، وهناك إلى جانب تلك الاستعدادات الفطرية، ووسائل الهداية المتنوِّعة، والحضانات التربوية والتعليمية والبيئة، هناك إلى جانبها قوة واعية مُدركِة في ذات الإنسان وهي العقل، فإذا استخدمها واستفاد من الوسائل الأخرى في تزكية نفسه وتنمية فضائلها وتطهيرها من الرذائل، فقد أفلح بلا شك، وإذا لم يستفد من تلك القوة والوسائل المواكبة لها فقد خاب بلا شك. 

وفي هذا المجال يُقَدِّم لنا الإمام أمير المؤمنين (ع) مَنهَجاً عملياً يمكننا اعتماده في تنمية فضائلنا الأخلاقية، وهو يقوم على اختيار تلك الفضائل وكلها فاضلة، وتعويد أنفسنا على فعلها إلى أن تتحول تلك العادة إلى مَلَكة في النفس بحيث لا يخطر في البال نقيضها من الرذائل، فمن أراد أن يتصف بفضيلة الكرم يكفيه أن يبدأ بالقليل ويداوم عليه حتى يصير كريماً، ومن أراد أن يتصف بالشجاعة يمكنه أن يواجه القليل من المخاوف حتى يعتاد على مواجهة الأهوال، وهكذا الحال في بقية الفضائل. 
  
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha