ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

كل ما يحدث في الوجود مُقَدَّر من الله تعالى

14:20 - November 20, 2023
رمز الخبر: 3493514
بيروت ـ إکنا: كل ما يحدث في الوجود مُقَدَّر من الله تعالى، والله بيده مقادير كل شيء، "وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ"﴿الرعد/ 8﴾. وكل خَلْقٍ يخلقه، يُقَدِّره بدقة متناهية، قال سبحانه: "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا"﴿الفرقان/ 2﴾.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "سَوْفَ يَأْتيكَ ما قُدِّرَ لَكَ".
 
ما يُقَدِّره الله لك فسيصل إليك في الوقت الأنسب، وبالشكل الأنسب، وبالقَدر الأنسب لك، ومن طرق قد تعلمها وقد لا تعلمها وقد لا يذهب إليها وَهْمُكَ، فما يريده الله فهو كائن لا محالة. "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"﴿يس/ 82﴾.


وكل ما يحدث في الوجود مُقَدَّر من الله تعالى، والله بيده مقادير كل شيء، "وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ"﴿الرعد/ 8﴾. وكل خَلْقٍ يخلقه، يُقَدِّره بدقة متناهية، قال سبحانه: "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا"﴿الفرقان/ 2﴾.

وما من شيء يُنَزِّله إلا بقَدَرٍ معلوم، قال سبحانه: "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ" ﴿الحِجر/ 21﴾.  وكل رزق يرزق به خلقه فهو بقَدّر، قال سبحانه: "أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" ﴿الزُّمُر/ 52﴾.
 
إذاً: كلُّ شيء مُقَدَّر من الله لا يزيد ولا ينقص، ولا يكون قبل وقته الملائم ولا يتأخَّر عنه، فما قَدَّره الله لك سيأتيك عندما تتكامل أسبابه ويحين وقته، رزقاً كان أم نعمة، صحة كان أم مرضاً، حياة كان أم مَوتاً، أو أي شيء يحدث لك إيجابيا كان أو سلبياً، يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): "تَنْزِلُ الْمَعُونَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَئُونَةِ" فالله سبحانه خلقك وتكفَّل بتدبير جميع شؤونك، وتكفل برزقك وما تحتاجه لعَيشك، وهو ينَزِّله عليك بَقَدَرٍ يراعي حاجاتك لأنه أعلم بحاجاتك الواقعية، وبما يصلح عليه أمرك، وبما يرجع عليك بالنَّفع والضُّرِّ، وأنت لا تغيب عن عينه للحظة واحدة، يٌسعفك عند الحاجة، وينُجِدك إذا وقعت في ورطة، ، وله حكمة في التوسعة عليك أو في التضييق، وفي التعجيل في عطائه لك وفي التأجيل، لا أنت ولا أنا نعلمها، ولكننا نعلم أنه حكيم في جميع ما يصدر عنه من خلق وأمر.

لكن ذلك لا يسقط المسؤولية عن كاهلك، ولا يعني أن تقعد في بيتك تنتظر أن تأتيك المقادير دون أن تسعى، فالسَّعي واجب، ولا شيء يتحقق لك في الحياة من غير سَعي وعمل ومثابرة وإصرار على تجاوز للعقبات، إن الله تعالى يكشف لنا عن واحدة من أهم القواعد التي تقوم عليها الحياة الإنسانية وهي قاعدة السَّعي والعمل، قال سبحانه: "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿39﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ"﴿النجم/ 40﴾.

إن نِيَّتَك وعَزمك، وسَعيك، وقيامك بما يجب أن تقوم به، وإعدادك واستعدادك، وتهيئتك لكل ما تقدر عليه من أسباب رُكنٌ أساسي من أركان ما يُقَدِّره الله لك، فقد جاء في الحديث عن الإمام عَلِيٍّ (ع): "عَلى‏ قَدْرِ النِّيَّةِ تَكونُ مِنَ اللَّهِ العَطِيَّةُ" أي بقَدرِ ما تكون إرادتك صُلبة، وعزمك على العمل قوياً، ونِيَّتك لتحقيق ما تصبو إليه قوية يعطيك الله طاقة وقدرة وتسديداً، ويتفضل عليك بما تستحق نيتك من نِعَمٍ وأرزاق.

وجاء عن الإمام الصادق (ع): "إنّما قَدَّرَ اللَّهُ عَونَ العِبادِ على‏ قَدرِ نِيّاتِهِم، فمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ تَمَّ عَونُ اللَّهِ لَهُ، ومَنْ قَصُرَت نِيَّتُهُ قَصُرَ عَنهُ العَونُ بقَدرِ الّذي قَصُرَ". وهذا واحد من أنحاء تقدير الله لك.  فنيتك، وسعيك، رُكنٌ فيما يُقَدِّره الله لك.
 
نستفيد مما سبق الأمور التالية:

أولاً: أن نحدد أهدافنا وخياراتنا ونهيئ كل الأسباب ونقوم بجميع ما يجب القيام به من إجراءات مقرونا بالتوكل على الله تعالى.

ثانياً: بل نترقى أكثر فنفوِّض أمورنا إليه تعالى، والتفويض أعلى مرتبة من التوكل، التفويض يعني أن نترك لله تعالى أن يختار لنا إيماناً مِنَّا أنه تعالى يقدر لنا الأفضل دائماً، لاحظ قارئي الكريم ما قصَّه الله علينا من قصة نَبيَّين كريمَين فَوَّضا أمرهما إلى الله، فموسى (ع) اكتفى بعرض فقره على الله ولم يطلب منه شيئاً، وأَيّوبَ (ع) اكتفى بعرض ضُرِّه بين يدي الله تعالى، وكلاهما فوَّضا إلى الله أمرهما، أما موسى (ع) فقال وهو بالقرب من ماءِ مَديَن : "رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴿24﴾ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿القصص/25﴾ ومن هذه اللحظة بدأ موسى (ع) مساراً طويلا من حياته انتهى بنبوته ثم انتصاره على فرعون، كل ذلك كان بتقدير من الله تعالى، قال سبحانه: "...ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ ﴿طه/ 40﴾. وأما النبي أَيُّوب فلقد: "...نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿الأنبياء/ 83﴾.

وكانت نتيجة تفويض أمره إلى الله ما أخبرنا الله به إذ قال: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ ﴿الأنبياء/84﴾. 

ثالثاً: ألا نغفل عن تقديرات الله لنا، ونطمئن أننا في رعايته الدائمة.

رابعاً: ألا نخاف من فقر ولا مرض ولا موت قبل أن يحدث ذلك فإننا لا ندري ما قدره الله.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
captcha