ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

شَرُّ الثَّناءِ ما جَرى عَلى أَلْسِنَةِ الْأَشْرارِ

16:42 - December 28, 2023
رمز الخبر: 3493976
بيروت ـ إکنا: الأشرار لا يثنون على شخص إلا لأنه على مِلَّتهم ورأيهم، أو لأنه يشبههم، أو لأنه أداة في أيديهم، وخادم يخدمهم ويدافع عن مصالحهم. ومن هنا يجب الحذر من ثناء الأشرار من جهة، ويجب أن يكون ثناؤهم جَرَس إنذار للشخص المَمدوح كي يبحث عن السبب الذي يجعله مقبولاً عندهم وممدوحاً من قِبَلِهم.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "شَرُّ الثَّناءِ ما جَرى عَلى أَلْسِنَةِ الْأَشْرارِ".

هل سمعتَ صالحاً يثني على فاجرٍ أو عالماً يثني على جاهل أحمق؟ بالتأكيد لا، فماذا في الفاجر الظالم والجاهل الأحمق من فضائل كي يثني عليها الصالحون والأبرار والعلماء؟! الصالحون يثنون على الصالحين ومن هم على شاكلتهم ومن يتصف بما يتصفون به من فضائل، ويؤمن بما يؤمنون به من قيم.


والحق: إنهم يمتدحون الفضائل والقيم، فإذا كان الشخص متصفاً بها امتدحوه لذلك، هذا هو الدافع إلى المَدح والثناء، وهي أي الفضائل المعيار الذي يُقَوِّمُونَ على أساسه الأشخاص، فثناء الأخيار شهادة للشخص بأنه من أهل الخير.

ولو عكسنا الأمر لوجدنا الأشرار يثنون على أمثالهم، الأشرار لا يثنون على الأخيار والصالحين، فبينهم وبين هؤلاء شُقَّةٌ بعيدة، كل واحد من الصِنفَين نقيض الآخر، وكل يثني على ما يراه فضيلة في الشخص، والفضيلة عند الأشرار هي الشَّرُّ.

ولو لم تكن كذلك لامتنعوا عن الشر واجتنبوه، وكما يكون ثناء الأخيار شهادة بالخير، يكون ثناء الأشرار شهادة بالشر.

الأشرار لا يثنون على شخص إلا لأنه على مِلَّتهم ورأيهم، أو لأنه يشبههم، أو لأنه أداة في أيديهم، وخادماً يخدمهم ويدافع عن مصالحهم. ومن هنا يجب الحذر من ثناء الأشرار من جهة، ويجب أن يكون ثناؤهم جَرَس إنذار للشخص المَمدوح كي يبحث عن السبب الذي يجعله مقبولاً عندهم وممدوحاً من قِبَلِهم، فلولا أنهم وجدوا فيه ما يستحق الثناء من جانبهم لما أثنوا عليه، وهم لا يثنون إلا على من سبق ذكره. 

وكما يكشف ثناء الأشرار على الشخص عن مقبوليته عندهم، كذلك يكشف ذَمُّهم للأخيار أنهم على خير، وأهل للخير. فذَمهم شهادة أيضاً، ويجب أن يفاخِرَ الأخيار بها لأنها تكشف أنهم على الحق والهدى والصلاح، وأنهم على الصراط المستقيم.
 
اليوم يقوم الطغاة المُستكبرون وهم شرُّ أهل الأرض وأكثرهم ظلماً وإجراماً، وأكثرهم جرأة على سفك الدماء البريئة، يقومون بتصنيف العالم إلى صنفين، الأخيار: وهم الذين يوالونهم، ويسيرون في رَكبهم، وينفِّذون أجنداتهم، والأشرار: وهم الذين يقاومونهم، ويقاومون هيمنتهم على العالم، ويقاومون احتلالهم أراضِيَ الغَير وطَرد أهلها منها وإحلال شُذَّاذ الآفاق فيها. وينعت هؤلاء الطغاة الأحرار بنعت الإرهاب، ويضعونهم على اللوائح السَّوداء، ويحاصرونهم اقتصادياً ومالياً وسياسياً، ويؤسِّسُون الأحلاف العسكرية لقتالهم.

ولا يُضير الأحرار نعتهم بالإرهاب، بل يرونه وسام شَرف وكرامة، وشهادة قاطعة على أنهم على الحق، وأن خيارهم هو الخيار الحق، وأن مسارهم هو المسار الحق، فيمضون على طريق ذات الشَّوكة واليقين بصِحَّة ما هم عليه يملأ قلوبهم، ولا يُبالون بما يكون، ولا تأخذهم في الله لومة لائم. وثقتهم بالنصر تزداد يوماص بعد يوم.

أما أولئك الذين يُثني عليهم الأشرار ويصفونهم بالأخيار، فتلك وَصمة عارٍ جبينهم مدى الحياة.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
captcha