ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الصديق الودود هو الذي ينبِّهك إلى عيبك

21:23 - September 06, 2025
رمز الخبر: 3501538
بيروت ـ إکنا: إن الصديق الودود والمحب المخلص هو الذي ينبِّهك إلى عيبك، هو الذي يكون مرآتك الصادقة التي تُظهِر لك ما غاب عنك، أو ما تتجاهله أو تغض طرفك عنه من عيب أو نقص في أخلاقك وسلوكك.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ أَبانَ لَكَ عَيْبَكَ فَهُوَ وَدُودُكَ، ومَنْ ساتَرَكَ عَيْبَكَ فَهُوَ عَدُوَّكَ".

معادلة مهمة تضع ميزاناً دقيقاً للتمييز بين الصديق الودود والعدو اللدود، فالصديق الودود والمحب المخلص هو الذي ينبِّهك إلى عيبك، هو الذي يكون مرآتك الصادقة التي تُظهِر لك ما غاب عنك، أو ما تتجاهله أو تغض طرفك عنه من عيب أو نقص في أخلاقك وسلوكك، لأنه يحُّب لك ما يحب لنفسه، ويكره لك ما يكره لها، أما العدو الحقيقي فليس هو الذي يعتدي عليك، ليس هو الذي يقتلك، أو يسلبك مالك، أو يسيء إلى كرامتك وحسب، بل هو الذي يرى العيب فيك فلا ينهاك عنه، يراك تفعل المنكرات، وترتكب الفواحش، وتسيء السلوك فيلوذ بالصمت، يريد أن يُغريك بالمزيد منه.

والإمام أمير المؤمنين (ع) لا يريد من قوله: "من أبان لك عيبك" ذاك الذي يفضحك، أو يُشَهِّر بك، بل الذي يُنبّهك إليه بنية الإصلاح والمحبة، هو الذي يريد أن يوقظك من غفلتك لأنه يريد مصلحتك، يريد أن يحفظ كرامتك ويدفع عنك ما لا يليق بك، فهذا الشخص حتى ولو قسى عليك، يفعل ذلك من مودته لك وحرص عليك، لأنه يهتم لأمرك، ويحرص على أن تُصلح ذاتك، وتُهذّب سلوكك.


إقرأ أيضاً:


أما ذاك الذي يراك على خطأ، ويسكت عنه، أو يُجاملك كأن لا عيب فيك، أو يزينه لك أو يبرِّره لك، فهو في الحقيقة عدوّك المستتر، لأنه يتركك أسيراً لعيبك، بل يُغرِّر بك مِمّا يدعوك إلى البقاء عليه، أو ارتاب المزيد منه.

إن القرآن الكريم يذكر لنا واحدة من أهم صفات المؤمنين، إنهم يتواصَون فيما بينهم بالحق، والصبر، يتناصحون، كل منهم ينصح الآخرين، وكل منهم يوصيهم بما يجمل من الصفات والأفعال والأقوال، يقول تعالى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿العصر: 3﴾ فالتواصي بالحق من أهم مصاديقه التنبيه إلى العيب، والخطأ، ومنه تقويم السلوك والسيرة، وهو ينشأ من كون المؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا أخطأ أحدهما فكأن أخاه قد أخطأ، وإذا انحرف أحدهما فكأن أخاه قد انحرف، وإذا ابتُلي أحدهما بعيب فكأن أخاه قد ابتُلِيَ به، وكما يحب أحدهما الكمال لنفسه فإنه يحبه لأخيه ويحثُّه عليه، وقد جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق (ع): "أَحَبُّ إِخْواني إِلَيَّ مَنْ أَهْدى إِلَيَّ عُيُوبي".

فمن أخلص في النصح لك، وقدّم لك نقده بأدبٍ ومودَّة، فهو الصديق الصدوق، والأخ الوفي، والحبيب القريب، أما من رأى فيك عيباً وسكت، فقد خانك من حيث ظننت أنه يُحبُّك ويريد لك الخير، ويحميك، فإن سكوته عن عيبك، أو قبوله به، يدفعك إلى المزيد منه، فيستفحل عيبك، ويزداد سلوكك انحرافاً، وتزداد صورتك تشوّها، وأنت تحسب أنه صديق وَفِيّ.

نستنتج مما تقدم أن الصديق الذي ينبِّهك إلى عيوبك نعمة يسوقها الله إليك، فتقبَّل نُصحه بصدر رحيب، بل اشكره عليه، وتمسَّك بصداقته، واحرص على تمتين أواصر العلاقة معه.

كما نستنتج أن ميزان الصداقة الحقيقة هو أن يكون الصديق مرآة صادقة معك، تُظهِر عيوبك وتنهاك عنها، وتظهر إيجابياتك وتحثُّك على المزيد منها. وأن علينا جميعا أن نطلب ممن نرتبط معهم برابطة الأخوة والصداقة أن ينبهونا إلى عيوبنا، وأن يكونوا صريحين معنا عندما يرون خطأ منا، وألا يجاملوننا فالمجاملة في هذه الأمور تؤدّي مؤدّى العداوة.

بقلم الباحث اللبناني في الشؤون الدينية السيد بلال وهبي

captcha