ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

التوفيق للعبد مِن نِعَمِ الله الكبرى عليه

14:18 - November 19, 2022
رمز الخبر: 3488636
بيروت ـ إکنا: التوفيق للعبد مِن نِعَمِ الله الكبرى عليه، ومن أَجَلِّها وأَعظَمِها، "التَّوفِيقُ مِنْ جّذَباتِ الرَّبِّ" إن الله يجتذب العبد الذي يعلم أهليته لذلك، يجتذبه إلى العمل الصحيح الصالح، يهديه سُبُلَه، ويُلهِمُه ما يجب عليه فعله، ويرشِدُه ويكون دليله.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "التَّوفِيقُ مِنْ جّذَباتِ الرَّبِّ"

التَّوفيق: أن يتوَلّى اللهُ أمور صلاح العبد، ولا يَكِلُه إلى نفسه، فهو عبارة عن اللطف الذي يحيط الله به المَرء فيصيب في أفعاله وأقواله وتأتي متوافقة مع الحق الذي يريده الله ورضيه عنه، وما يتوافق مع مصلحته الواقعية، وتتيسَّر أموره، وتتسِق أحواله، وإنما لم يكن المُوَفِّق للطاعة إلا الله، لان أحداً لا يعلم الحق والحقيقة والصواب الواقعي إلّاه تعالى، وهو الذي يهدي العبد إليه.

والتوفيق: الفوز والفلاح فى كل عمل صالح وسَعيٍ حَسَنٍ، وحصول ذلك يتوقف على كَسبِ العامل وطلبه من الطريق الموصل إليه، وتيسير الأسباب التي يسهل معها الحصول عليه، وذلك إنما يكون من الله وحده، قال تعالى: "...وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"*﴿88/ هود﴾. أي وما توفيقى لإصابة الحق والصواب في كل ما آتي وأفعل، وفي كل ما أترك وأذَر، إلا بهداية الله تعالى ومعونته، فإذا وُفِّقتُ إلى بلوغ ما أصبوا إليه فذلك بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، وليس ذلك من عملي الخالص، أنا أُهَيِّء الأسباب والله يتممها ويشفع بينها، فما أنا إلا زارع يزرع، والله سبحانه هو الذي ينبت الزرع، ويخرج الحب والثمر. قال تعالى: *"أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ﴿63﴾ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴿64﴾ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ" ﴿65/ الواقعة﴾.

دورنا نحن البشر في الزَّرع الذي ينبت بين أيدينا وينمو ويستوي على سوقه ويؤتي ثماره، دورنا أن نحرث الأرض، ونُلقي الحَبَّ والبَذرَ الذي صنعه الله، ثم ينتهي عند هذا الحد، بعد ذلك تأخذ يَدُ القدرة الإلهية في عملها المُعجِز المُبهر، تأخذُ الحَبَّ والبَذرَ في طريقه الملائم، فلا يخطئ، ولا يضِلُّ عن هدفه المرسوم، ولو شاء الله تعالى أن لا ينبت ولا ينمو لما نَبَتَ ولا نَما، ورغم ذلك نقول نحن البشر: زَرَعنا، ونحن لم نفعل سوى الحرث والبذر.

التوفيق للعبد مِن نِعَمِ الله الكبرى عليه، ومن أَجَلِّها وأَعظَمِها، "التَّوفِيقُ مِنْ جّذَباتِ الرَّبِّ" إن الله يجتذب العبد الذي يعلم أهليته لذلك، يجتذبه إلى العمل الصحيح الصالح، يهديه سُبُلَه، ويُلهِمُه ما يجب عليه فعله، ويرشِدُه ويكون دليله، ويجعله ذا بصيرة، ويفيض عليه من لَدُنْهُ علماً وفَهماً، ويرعاه ويُسَدِّدُهُ، ويَسدُّ عليه طريق الشَّرِّ، ويُسَهِّل له طريق الخير. وقد جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "لا يَنفَعُ اجتِهادٌ بِغَيرِ تَوفيقٍ" وقال: "لا يَنفَعُ عِلمٌ بِغَيرِ تَوفيقٍ"*.

مما سبق يتضِحُ لنا أن التَّوفيق يقوم على ركنين اثنين:

*الرُّكن الأول: عمل العبد، وسعيه، وبذله الجهد الكافي، وتوفيره الأسباب المطلوب، وخبرته، وفهمه، ومعرفته، وحسن تدبيره، وإتقانه عمله، ثم توَكُّلِه على الله، وطلبه التوفيق منه، والتَّعوِّذ من خذلانه.

الركن الثاني: عناية الله به، ورحمته له، ومشيئته في إتمام العمل الذي يعمله العبد، وإرادته أن يُجريه على يديه وبواسطته، ولا يكون ذلك إلا إذا كان للعبد مقام عنده تعالى، ولا يكون للعبد مقام عند الله إلا إذا كان خالص العبودية لله، لا يشرك به شيئاً لا في عقيدته ولا في نيته ولا في قول أو فعل.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha