ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

شريعة الإسلام تهدف إلى تكريس فِعل المعروف في الناس

22:16 - December 09, 2022
رمز الخبر: 3488947
إن شريعة الإسلام تهدف إلى تكريس فِعل المعروف في الناس، بحيث يعتاد الناس على فعله حتى يصير ملكة من ملكاتهم الأخلاقية الرفيعة، فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: "اصْنَعْ المَعْروفَ إِلى كُلِّ أَحَدٍ، فَإِنْ كانَ أَهْلَهُ وإِلّا فَأَنْتَ أَهْلُهُ".

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "المَعْروفُ قُروضٌ"

المَعروفُ هو العمل الحَسَنُ الذي يستوجب المدح والثناء من العقلاء، والثواب من الله تعالى، وهو اسم جامع لكل ما عُرِفَ من طاعة الله، والتقرُّب إليه، والإحسان إلى الناس بكل ما نَدَب إليه العقل والشرع، وهو الذي تعرفه النفوس المستقيمة، وتسكن إليه القلوب السليمة.

وقد مدحت الشريعة الإسلامية الغرَّاء المعروف، وحَثَّت المسلم على أن يكون من أهله، ومَدحت الذي يصنعه مع الناس الذين يستحقونه، وكشفت عن أجره العظيم وثوابه الجزيل، واهتمت بإرساء هذا الفعل النبيل بين أفراد المجتمع، فقد جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: "رَأيتُ المَعـروفَ كَاسمِهِ ، ولَيسَ شَيءٌ أفضَلَ مِنَ المَعروفِ إلاّ ثَوابُهُ وذلكَ يُرادُ مِنهُ، ولَيسَ كُلُّ مَن يُحِبُّ أن يَصنَعَ المَعروفَ إلَى النّاسِ يَصنَعُهُ، ولَيسَ كُلُّ مَن يَرغَبُ فيه يَقدِرُ عَلَيهِ، ولا كُلُّ مَن يَقدِرُ عَلَيهِ يُؤذَنُ لَهُ فيهِ، فإذا اجتَمَعَتِ الرَّغبَةُ والقُدرَةُ والإذنُ فهُنالِكَ تَمَّتِ السَّعادَةُ لِلطّالِبِ والمَطلوبِ إلَيهِ"

وجعلت الشريعة السَّمحاء لِصُنع المعروف منطلقات ثلاثة:
الأول: التقرَّب به إلى الله تعالى، فالله يحبُّ المعروف ويحب أهله، وهو صاحب كل معروف وسببه، فيفعله العبد باعتباره محبوباً لله، ويحرص أن يكون من أهل المعروف باعتباره صفة كمال يرغب العاقل في الاتصاف بها، ومن هذا المنطلق فإنه لا يتطلع إلى ثناء الناس ومدحهم، ولا يرجو منهم مقابلاً لمعروفه، بل يتطلع إلى نفس الفعل يراه كمالاً يقرِّبه من الله تعالى ذي المعروف فيفعله متقرباً به إليه، وليكون متخلِّقاً بأخلاق الله تعالى وتلك أعلى أمانيه وأهم غاياته.

الثاني: إن شريعة الإسلام تهدف إلى تكريس فِعل المعروف في الناس، بحيث يعتاد الناس على فعله حتى يصير ملكة من ملكاتهم الأخلاقية الرفيعة، فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: "اصْنَعْ المَعْروفَ إِلى كُلِّ أَحَدٍ، فَإِنْ كانَ أَهْلَهُ وإِلّا فَأَنْتَ أَهْلُهُ".

الثالث: إقامة الحياة الاجتماعية على أساس المعروف بحيث يكون جميع أفراد المجتمع من أهل المعروف والخير، فإذا كانوا كذلك شاع بينهم التعاون والتكافل والحُبُّ، فيشعر غنيهم بحاجة فقيرهم، ويحب فقيرُهم غنيهم، يتبادلون فيما بينهم النَّفع والعطاء، ويدعون جميعا إلى الخير، فيكونوا جميعا كالجسد الواحد، والبُنيان المرصوص.

إن الحياة الإنسانية قائمة على حاجة الإنسان إلى أخيه، هكذا قضت حكمة الحكيم الخبير، وقضت أن تكون العلاقة بين الأفراد تبادلية كلٌّ منهم يبادل الآخر العطاء والخدمة والعَونَ والمعروف، كل واحد يقترض المعروف من الآخرين ويقرضهم إياه.

الإمام أمير المؤمنين (ع) يقول: "المَعْروفُ قُروضٌ" ومعنى ذلك أن تقابل المعروف بالمعروف، فإن ذلك مما يأمر به العقل وهو مصداق لحكمه الذي ذكره الله تعالى في كتابه المجيد إذ قال: "هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ"﴿60/ الرحمن﴾. فإن لم تَقْدِر على مقابلة المعروف بالمعروف فأَثنِ عليه وامدحه واشكر صانعه، فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله (ص) أنه قال: "مَنْ أُتِيَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيُكَافِئْ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ فَلْيُثْنِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَةَ ".

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "السيد بلال وهبي"

أخبار ذات صلة
captcha