ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

مكافأة الإحسان بالإحسان خُلقٌ كريم

11:45 - December 12, 2022
رمز الخبر: 3488990
بيروت ـ إکنا: إن مكافأة الإحسان بالإحسان خُلقٌ كريم، وفعل فطري ينشأ من خلق الوفاء، والإنسان الوَفي يرى وجوب مكافأة المحسن ومقابلته بالمثل، ويرى عدمه قبيحاً يجتنبه، ورذيلة لا يفعلها.

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "المُكافَأَةُ عِتْقٌ".

الإنسانُ عبد الإحسان، وقيل: والقائل الإمام أمير المؤمنين علي (ع): "اسْتَغْنِ بِاللهِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظيرَهُ، واحْتَجْ إِلى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَسِيْرَهُ، وأَفْضِلْ عَلى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَمِيْرَهُ". ومعنى الحديث الشريف أن الذي يُسدي إليك معروفاً تكون له اليد العليا عليك إذ هو الذي يعطي، وتكون يدك هي السفلى إذ هي التي تأخذ، فهو يعطيك من غِنىً، وأنت تأخذ من حاجة، ومن احتجتَ إليه صار له فضل عليك، وقد تهونُ عليه، فلن تتحرَّر من قيود فضله وإحسانه إلا إذا قابلته بإحسان مثله، أو كافأته على صنيعه، فعندئذٍ يصير كلاكما مُحسنٌ مقابل الطرف الآخر. وقد جاء في الحديث عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع): "المَعْروفُ غُلٌّ لا يَفُكُّهُ إلّا مُكافَأةٌ أو شُكرٌ" 

إن مكافأة المحسن خُلُقٌ رفيع، وفاعله ممدوحٌ، وذلك مما يحكم به العقل والشرع، فقد أيَّد الله تعالى ذلك الحكم العقلي بقوله: "هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ"﴿60/ الرحمن﴾. فالآية الكريمة تكشف عن قاعدة عظيمة يجب أن يقوم عليها التعامل بين البشر، بل بينهم وبين الله تعالى، فالإحسان يجب أن يكافأ بإحسان مثله، فإن لم يقابل بالاعتراف والشكر والامتنان، أو قوبِلَ بالجحود والنكران كان ذلك من أقبح الأفعال.

إن الله الرَزّاق والمُعطي والمُتفضّل والمُنعم والمُوَفِّق والمُسدد ألزم نفسه بمقابلة الإحسان بالإحسان والمكافأة عليه، لأن ذلك حَسَنٌ والله لا يكون منه إلا الحَسَنُ من الأفعال بل الأحَسَنْ، ولا يتصف إلا بالأحسن من الصفات، قال تعالى: "وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى"﴿31/ النجم﴾. ويقول سبحانه: "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"﴿26/ يونس﴾.

إن مكافأة الإحسان بالإحسان خُلقٌ كريم، وفعل فطري ينشأ من خلق الوفاء، والإنسان الوَفي يرى وجوب مكافأة المحسن ومقابلته بالمثل، ويرى عدمه قبيحاً يجتنبه، ورذيلة لا يفعلها، والمؤمن الذي يعتقد بوجوب الشكر لله على جليل نِعَمِه، يعتقد كذلك أنه لا يكون شاكراً على الحقيقة إلا إذا اعترف لأهل الفضل بفضلهم، وجازى المُحسن منهم بالإحسان، وكافأه بالشكر والامتنان.

فإذا عجزتَ عن مكافأة المُحسن بالإحسان إليه فلن تعجز عن شُكره والثناء عليه، "فالشُّكْرُ أَحَدُ الجَزَاءَيْنِ" كما يقول أمير المؤمنين (ع). فإن كَلَّ لسانُك عن الشكر، فاعترف له بالإنعام عليك، وأحِبَّه لذلك وهذا أضعف أنواع المُكافأة. 

إننا بحاجة إلى إحياء هذا الخلق الكريم في أوساطنا الإيمانية والإنسانية ليدوم المعروف بين الناس ولا ينقطع، وهو فضلا عن ذلك تَخَلُّقٌ بأخلاق الله تعالى، ويجب أن نعترف أن مجتمعاتنا باتت تفتقر لهذا الخلق شيئاً فشيئاً نتيجة تأثرها بالأخلاق والعادات الوافدة التي تقوم على تمجيد النَّفع الذاتي والأنانية المفرطة، التي تُحِبُّ أن تأخذ ولا تعطي، إنك ترى معظمنا يقابل المعروف بلا مبالاة وقلة اهتمام حتى كأن شيئا لم يكن، وبعضنا الآخر يذهب بعيداً فيقابل الإحسان بالإساءة، وهذا تهديد خطير للمعروف بين الناس، وسبب رئيسي لزواله. 

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "السيد بلال وهبي"

أخبار ذات صلة
captcha