ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ /

الغِلُّ هو من أسوأ الصفات الأخلاقية

14:23 - December 07, 2022
رمز الخبر: 3488921
بيروت ـ إکنا: الغِلُّ من أعنف الأمراض التي تصيب القلب في مقتل، وهو من أسوأ الصفات الأخلاقية، ومِعوَلُ هدمٍ وخراب في المجتمع، وما أسوأ الإنسان الذي يحمل الغِلَّ والحِقد في قلبه على أرحامه وأقاربه وأصحابه وزملائه وجيرانه، أو على واحد من الناس.

الغِلُّ هو من أسوأ الصفات الأخلاقيةرُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "الغِلُّ داءُ القُلُوبِ".

الغِلُّ: الحِقدُ الكامن في النفس، والعداوةُ المتأصِّلَةُ المتغلغلة في القلب، والكراهية التي تصاحبها رغبة في النفس للانتقام من الشخص المكروه إلى درجة قتله والتنكيل به، وكما قال ابن منظور في كتابه اللغوي المعروف (لسان العرب): الغِلُّ: هو إمساك العداوة في القلب والتَّرَبُّصُ لِفُرصَتها.

وأصل الكلمة يدلُّ على تخَلُّلِ شيءٍ وثباته، كالماء الذي يتخلل في الفراغات حتى يملأها، أو الشيء الذي يُغرَزُ فيَثْبُتُ، ومنه سُمِّيَ الغِلُّ، لأن الحِقد يتخلل الصدر ويستوعبه ويثبت فيه. ومن شواهده في القرآن الكريم قوله تعالى: "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ" ﴿43/ الأعراف﴾ فأهل الجَنَّة منزوع من صدورهم الحِقد والغِلُّ والكراهية، قلوبهم صافية نقية ليس فيها إلا الحُبُّ والوِدُّ، وليس بينهم إلا السلام والأمان والطمأنينة، والتعبير القرآني الكريم (وَنَزَعْنَا) للإشارة إلى أنه قد كان في الدنيا غِلٌّ يغالبهم ويغالبونه، وغيظ يكظمونه، فنزعه الله منهم في الجَنَّةِ، فكلُّ منهم يُحِبُّ الآخر، ويُقبِلُ عليه، ويُحَيِّيه بالسلام، فأهل الآخرة يختلفون عن أهل الدنيا، فأسباب الغِل في الدنيا موجودة لكنها في الآخرة معدومة. 

الغِلُّ من أعنف الأمراض التي تصيب القلب في مقتل، وهو من أسوأ الصفات الأخلاقية، ومِعوَلُ هدمٍ وخراب في المجتمع، وما أسوأ الإنسان الذي يحمل الغِلَّ والحِقد في قلبه على أرحامه وأقاربه وأصحابه وزملائه وجيرانه، أو على واحد من الناس، فإن ذلك يدلُ على مرض في قلبه وداءٍ في نفسه عليه أن يسارع إلى علاجه كي لا يستفحل فيقتله هو قبل أن يقتل سواه من المكروهين له.

إن الغل خُلُق ذميم، يدل على دناءة النفس وخبثها، وينبئُ عن سوء النية، وفساد الطوية، وهو ينشأ من انعدام الثقة بالنفس، ومن الحسد، والتطَلُّع إلى ما في يد الغير، والفشل، والعَجز، والضعف، والخصومة، والمنافسة، والعنصرية، والتعالي على الآخرين.

ومن يَسلم من الغِلِّ في الدنيا فقد سلم من مرض خطير، واجتنب وباءً قاتلاً، وقليل ما هُم، فقد رُوِيَ عن نبي الله عيسى بن مريم (ع) أنه قال:‏ "يا عَبِيدَ السّوءِ، تَلومُونَ الناسَ علَى الظَّنِّ ولا تَلومُونَ أنفُسَكُم علَى اليَقينِ؟!، يا عَبيدَ الدنيا، تَحلِقُونَ رُؤوسَكُم وتُقَصِّرُونَ قُمُصَكُم وتُنَكِّسونَ رُؤوسَكُم ولا تَنزِعونَ الغِلَّ مِن قُلوبِكُم".

إن على المَرءِ أن يُطَهِّرَ صَدره من الغِلِّ وينتزعه من قلبه، كي لا يعيش حياة ضَنكاً، ولا يقضي عمره مشغولاً بمراقبة من يحقِد عليه، فلا يهنأ له عيش، ولا يطمئن له بالٌ، فضلا عن مقتِ الله له، وعليه أن يعلَمَ أنه لن ينال مِمَّن يحقد عليه شيئاً، فتلتهمه نار الحقد وحده، وقد لا يشعر به ذلك الآخر الذي يحقد عليه، فيعيش تعيساً في الدنيا ويبعث شقياً في الآخرة. فأما مَن طهَّرَ قلبه من الحقد وأزاله من نفسه فستزول همومها وأحزانها، وسيرتاح قلبه، وتتعافي نفسه، وتستقر حياته.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha