ایکنا

IQNA

جواهر علوية...

الجَفاء يورِثُ الفُرقة والوحشة بين الناس

10:51 - January 04, 2023
رمز الخبر: 3489343
والجَفاء يورِثُ الفُرقة والوحشة بين الناس، ويُمَزِّق روابط الإخاء، ويُفَكِّك الأُسَرَ، ويُقَطِّعُ العلائق الزوجية، فكم من بيت خَرِبَ وانهدمت بنيته العائلية، وأسرة تقطَّعت علائق أفرادها بسبب غِلظة الطبع، والخُرق في المعاملة، وترك الرفق في الأمور.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "الجَفْـاءُ يُفْسِـدُ الإِخـاءَ".

الجَفاءُ: الغِلْظَةُ فِي القَلْبِ وَالقَسْوَةُ والخشونة فِي المُعَامَلَةِ، وترك الرِّفقِ في الأمور، والبُعد عن الآخرين والتَّركُ لهم، ومن معاني الجفاء في اللغة: الإعراض، والإتعابُ، والإساءة، والشِّدَّة، والطَّرد، وهو يقابل اللِّين، والرحمة، والمودَّة، والعِشرة الحسنة، والبِرَّ، والصِّلَة ونحو ذلك.

وهو صفة ذميمة، وخَصلة قبيحة، ومظهر من مظاهر سوء الخُلُق، وينشأ من قسوة القلب، وجفاف المشاعر وغِلظتها، والبُعد الجسدي أو النفسي عمّن يجب أن يكون المَرءُ قريباً منهم، كالوالدين، والأخوة، والزوج، والأولاد، والأصدقاء، والله، والأولياء، والدين، وشعائر الدين.

والجَفاء يورِثُ الفُرقة والوحشة بين الناس، ويقطع ما أمر الله به أن يوصَل، ويُمَزِّق روابط الإخاء، ويُفَكِّك الأُسَرَ، ويُقَطِّعُ العلائق الزوجية، فكم من بيت خَرِبَ وانهدمت بنيته العائلية، وأسرة تقطَّعت علائق أفرادها، وكم من نُفرة حدثت بين الأحبة من آباء وأبناء، وأزواج وزوجات، وأخوة وأخوات، وأرحام وأقرباء، بسبب غِلظة الطبع، والخُرق في المعاملة، وترك الرفق في الأمور، وفي ذلك من الضرر ما لا يُنكَر، فإن الإنسان محتاج إلى الإنسان، وما سُمِّيَ الإنسانُ إنساناً إلا لأنه يأنُ بالآخرين ويأنس الآخرون به، يألَف ويُؤْلَف، وهو ذو طَبع اجتماعي، لا يمكنه أن يعيش وحيداً، ولا بعيداً عَمَّن يرتبط بهم بروابط القرابة والدين والوطن، ومن يعتزل الناس فهو استثناء من الناس. 

والحَقٌّ أن الجَفاء يضَرُّ الجافي قبل أن يضُرّ غيره، إذ لن يجد أحداً يدعمه ويسانده حين يحتاج إلى الدعم والمساندة، أو يقع في ورطة أو مشكلة، وماذا سيفعل حين يشيخ ويأكل الهَرَمُ قوَّتَه، من ذاك الذي سيخدمه، ويصبر عليه، ويوفِّر له حاجاته؟! لا أحد ممن جفاهم وقسى عليهم سيكون في خدمته، بل لعلهم يتمنّون موته، لا أقول ذلك إلا من معرفتي بتجارب كثيرين كانوا قساة جُفاةٍ مع أهليهم وأرحامهم فأنتهى بهم الحال إلى عاقبة وخيمة ونهاية كثيرة السوء.

الجَفاء والغلظة والقسوة والخشونة والعبوس والطيش وسوء المعاملة وسوء الظن وكل ما يدمر العلاقة مع الآخرين، كل تلك الصفات المذمومة القبيحة يبغضها الله تعالى ويبغضها الناس، والمؤمن لا يفعل ما يبغضُه اللهُ، ويغضِبُ اللهُ.

والجَفاء قد يكون طبعاً، وقد يكون تطبعاً وكلاهما سَيّئ، والمؤمن الحق يتدارك نفسه بالبعد عن أسبابه، ويتحلى بالرِّفق، واللِّين، والرحمة، والعطف، والبر، والحلم، والمداراة، إذ لا خير في الجافي الغليظ من الناس، الذي لا يألف ولا يُؤْلَفُ.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha