ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

لهجة المنافق ونبرات صوته، وخطابه علامات يُعرف بها نفاقه

9:11 - January 04, 2023
رمز الخبر: 3489341
بیروت ـ إکنا: المنافق يتظاهر بالجميل، لسانه ذَلِقٌ، كلامه أحلى من العسل، وأعذب من الماء الصافي، يتصنَّع لك، ويسبغ على تصنّعه ألواناً من التعابير الأدبية، كالمخاتلة، والمخادعة، والمداهنة، وفي الواقع إن لهجة المنافق ونبرات صوته، وخطابه، وتعابيره الجسدية علامات يُعرف بها نفاقه.

و رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "المُنافِقُ لِسانُهُ يَسُرُّ وَقَلْبُهُ يَضُرُّ"

هذه واحدة من صفات المنافق، إنه عَذْبُ اللسان، طيب الكلام، يحدثك بما يسرك ويُطربك، ويطريك بما فيك وفوق ما فيك، ويكيل لك من المدائح ما تعجز عن حمله، وقد ينظم فيك قصائد لا ينظمها إلا أشعر الشعراء، ولكن قلبه مشحون بالحقد عليك، يتمنى لو أن كل الشرور تأتيك دفعة واحدة، يفرح إن أصابك ضرٌّ، وينتشي إن ابتليت ببلاء، ويشمت إن وقعتَ في مصيبة، بل يمكر بك، ويفعل كل ما يسيء إليك.

المنافق شخص مريض، مريض القلب، ومرضه خطير فَتَّاك، وقد لا يدرك أنه مريض، إذ يعتبر نفسه ذكياً مُحَنَّكاً داهية، بارعاً في التواصل مع الآخرين وإقناعهم بالصورة التي يريد منهم أن يروه عليها، وهذا ما يزيده انغماساً في نفاقه، إذ يرى أن ذلك سبيله الأوحد لكسب ما يريد، فهو من جهة يحافظ على ما يخفيه من أفكار وآراء وعواطف، ومن أخرى يستفيد بما يُظهره ويُبديه، وهذا خطأ بلا ريب.

وهو متذبذبٌ كذلك، والتذبذب ضياع، وينشأ من نفسية مريضة، وضعيفة، بل من انفصام نفسي، إذ إنه ذو طبيعتين مختلفتين غير منسجمتين، طبيعته الحقيقية، وطبيعته التي يتعامل بها مع الغير، وهذا يُوَلِّد في نفسه قلقا وتوتُّراً، وحَيرة وريبة، واضطرابا نفسياً، وخوفاً من انكشاف أمره، لعدم الانسجام بين نفسه وجسده.

والمنافق يتظاهر بالجميل، لسانه ذَلِقٌ، كلامه أحلى من العسل، وأعذب من الماء الصافي، يتصنَّع لك، ويسبغ على تصنّعه ألواناً من التعابير الأدبية، كالمخاتلة، والمخادعة، والمداهنة، إن لقيك احتضنك بين ذراعيه، وقبلك في جبهتك، وعاملك بوِدٍّ، ولاطفك بالكلام، ولكنه حين يحتضنك يحب لو يغرز خِنجره في صدرك أو في ظهرك، ويحاول بشتى الطرق أن يقنعك بحبه وودِّه لك، إذ يخاف أن تكون حقيقة معلومة لك، يفعل ذلك ليستر القبيح من صفاته.

والحقُّ أن حقيقة المنافق لا تغيب عن الحاذق الماهر والخبير المجرب، بل لا تغيب عن صاحب الوعي والبصيرة، ففي إمكانه أن يميز بين الصادق والمنافق باليسير من الخطوات، ولعل أهمها أن يقارن بين أقواله وأفعاله، والمرء مخبوء وراء لسانه، فما يفلت على لسانه يخبرك عما في جَنانِه، ومن ذلك ما يظهر على تقاسيم وجهه وحركات بدنه فكلها تُظِهر ما يجيش في صدره، إذ لا يناقش أحد في أن مشاعرنا الداخلية تظهر على جوارحنا سِيَّما الوجه، تقاسيم الوجه تعبر دائماً عمّا يحدث داخلنا، وما يُعرَف اليوم بآلة كشف الكذب يستفيد من هذه الحقيقة، وهذ ما يطلق عليه القرآن الكريم (السَّيماء) قال تعالى: "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ" وقال تعالى موجها خطابه لرسول الله (ص) الذي عانى كثيراً من المنافقين: "وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ"﴿30/ محمد﴾. إن لهجة المنافق ونبرات صوته، وخطابه، وتعابيره الجسدية علامات يُعرف بها نفاقه.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "السيد بلال وهبي"

أخبار ذات صلة
captcha