ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

عدم الطاعة هو السيئة بذاتها

15:35 - March 05, 2023
رمز الخبر: 3490240
بيروت ـ إکنا: هذه حتمية يكشف عنها الإمام أمير المؤمنين (ع) إذا قلَّت طاعاتك كثرت سيئاتك، فلا منطقة وسطى يمكنك أن تقف فيها، بحيث لا تكون مطيعاً ولا تكون مسيئاً، فإن عدم الطاعة هو السيئة بذاتها، بل من أعظم السيئات، إنهما ككفَّتَي الميزان، إن ثقلت واحدة خَفَّت الأخرى، والعكس صحيح.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "إِذا قَلَّتِ الطّاعاتُ كَثُرَتِ السَّيِّئاتُ"

هذه حتمية يكشف عنها الإمام أمير المؤمنين (ع) إذا قلَّت طاعاتك كثرت سيئاتك، فلا منطقة وسطى يمكنك أن تقف فيها، بحيث لا تكون مطيعاً ولا تكون مسيئاً، فإن عدم الطاعة هو السيئة بذاتها، بل من أعظم السيئات، إنهما ككفَّتَي الميزان، إن ثقلت واحدة خَفَّت الأخرى، والعكس صحيح، فعليك أن تختار بينهما، فإمّا أن تكون في الثقيلة أو تكون في الخفيفة، فإن كنت من أهل الطاعة تخففت من ارتكاب المعاصي والسيئات، وكلما زادت طاعاتك قلَّ حِملك من المعاصي إلى أن تنعدم فتحلِّق بطاعاتك إلى أعلى، وأعلى، إذ ليس على كاهلك ما يُثقِله، وإن قَلَّلتَ من الطاعات فتحت الطريق للمعاصي والسيئات، إذ لا يمكنك أن تُقَلِّل من الطاعات دون أن تهجم عليك المعاصي، فإنها تتحين الفرصة لتنقَضَّ عليك، والطاعات هي الحارس الأمين الذي يحرسك، فحين يذهب الحارس يصير الطريق مفتوحاً للمعاصي.

علاقتك بالطاعات والسيئات تشبه إناءً متصلاً بماءين أحدهما صافٍ والآخر آسِنٍ، كلاههما يتزاحمان ليملآه فغذا امتلأ بالماء الصافي لم تبقَ مساحة للماء الآسن، فإذا لم يندفع الماء الصافي اندفع الماء الآسن وملأه فالطاعات والسيئات كلتاهما تتدافعان في نفوسنا، كل تريد أن تجِد لها مكاناً فيها، فإذا ضَعُفَت إحداهما حَلَّت الأخرى محلها تلقائياً ودونما تأخير.

مما سبق نخرج بنتيجتين اثنتين:

النتيجة الأولى: إن علينا ألا نُقلِّلَ من فعل الطاعة، والمراد من الطاعة كل أمر فيه لله رضا، وفيه لنا خير ومنفعة في دنيانا وآخرتنا، لأن الإقلال من الطاعة يفتح المجال تلقائيا للمعصية أن تتسرَّب إلينا، إننا إن لم نكن في حال من الإقبال على الله تعالى والإقبال عليه يكون بالطاعة، فسنكون في حال من الإدبار، إذ عدم الطاعة إدبار، وهذا أمر محسوس لا يحتاج إلى البرهنة عليه، فإن القلب إذا أقبل أطاع، فإن لم يطع كشف ذلك عن إدباره وإعراضه عن الله تعالى.

النتيجة الثانية: إن علينا أن نراكم الطاعة على الطاعة، والخير على الخير، والحَسَنَة بعد الحَسَنَة، بحيث لا نترك فراغاً أبداً، لأن الفراغ إذا لم تملأه الطاعات فستملؤه السيئات والمعاصي، ولذلك نجد الله سبحانه وتعالى يعلمنا من طريق رسوله الأكرم (ص) ألّا نترك فراغاً من الطاعات تملؤه المعاصي، سواء كان فراغاً ذهنياً، أو فراغاً عاطفياً، أو فراغاً مادياً حين لا نعمل أبداً، قال تعالى: "فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ﴿7﴾ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ" ﴿8/ الانشراح﴾.

فيجب أن نستديم على الطاعة، وأن نكون اليوم أكثر طاعة من الأمس، وغداً أكثر طاعة من اليوم، والحكمة التي تقول: من تساوى يوماه فهو مغبون، تنطبق على مجال ذلك التنافس بين الطاعات والسيئات، فإذا لم نزد من الطاعات مع كل يوم جديد فذلك يعني أن للسيئات حضورها الكافي في حياتنا.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha