ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ..

الحذر من مصادقة الفاجر في كلام الامام علي(ع)

12:11 - February 27, 2023
رمز الخبر: 3490145
بيروت ـ إکنا: إن من أعظم الجهل مصادقة الفاجِر، وهو الشخصُ المُفارِق والمُنْشَقُّ عن طريق الحق والصلاح، والفاسق الذي لا يرعوي عن ارتكاب المُحرَّمات والمُنكَرات.

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "أَعْظَمُ الْجَهْلِ: مُعاداةُ الْقادِرِ، وَمُصادَقَة الْفاجِرِ، وَالثِّقَةُ بِالْغادِرِ".

الجاهلُ: هو السفيه وفاقد الحكمة والرُّشد، يعيش حياته خبط عشواء، لا يهتدي لطريق الخير، ولا يكون منه موقف سديد، يفعل الشيء ونقيضه، يريد أن يصادق فيعادي، ويريد أن يربح فيخسر، لا يعرف قدْرَهُ ولا قَدْرَ غيره، يتعاظم في نفسه وهو حقير، ويُحتقِرُ الآخرين وهم عظماء، يتعاظم على القادر، ويتصاغر بين يدي العاجز، لا يعرف أين تكمن مصلحته ومع مَنْ، ولا من أين يأتيه الضُرُّ والشَّرُّ ولا مِمَّنْ. وهو وأمثاله لا خير في حياتهم، إذ الخسارة حليفتهم في دنياهم وفي آخرتهم.

الإمام أمير المؤمنين (ع) يذكر لنا في جوهرته الآنفة الذكر ثلاثة من أعظم صور الجهل التي يظهر فيها الجاهل، وهي تحكي حقائق جهله المُرَّةِ.

الصورة الأولى: إنَّ من أعظم الجهل أن يعادي الشخصُ الشخصَ القادرَ على إيذائه وإضراره والكَيد به، والتسبَّب له بالمصاعب والمتاعب، كأن يكون صاحب سلطة، أو مكانة سياسية أو اقتصادية، أو خبرة أو قدرة أو معرفة ولا يملكها غيره، وأنت تحتاجها ومضطرّ إليه فيها، خصوصا إذا كان هذا الشخص ممن لا يخافون الله في الناس، ولا يرعوون عن فعل أي قبيح، أو التسبب بالأذى والظلم لعباد الله، فمثل هذا يجب التلطف له ومداراته والتوَدُّد إليه بالحدود التي يجيزها دينك ولا تنال من كرامتك، و "مُداراةُ الناسِ نِصْفُ العَقْلِ" كما جاء في الحديث النبوي الشريف.

أما إذا كان الشخص القادر مؤمناً، خلوقاً، حَسنَ السجايا، سليم القلب، طَيِّب النِّيَّة، فمعاداته مشكلة شرعية وأخلاقية في آنٍ معاً، فإن المؤمن لا يعادي ولياً لله تعالى، فقد جاء في الروايات الشريفة أن الله تعالى يقول: "مَن عادى لي وَلِيّاً فَقَد آذَنتُهُ بِالحَربِ"*.

*أما إن كان هذا الشخص نفسه مع سلامة قلبه، وطيبِ نيته قد صدرت منه إساءة نحوك، فعليك أن تبادله بالصفح والغفران، وأن تدفع إساءته نحوك بالإحسان إليه عَمَلاً بقول الله تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"﴿34/ فُصِّلَت﴾.

الصورة الثانية: إن من أعظم الجهل مصادقة الفاجِر، وهو الشخصُ المُفارِق والمُنْشَقُّ عن طريق الحق والصلاح، والفاسق الذي لا يرعوي عن ارتكاب المُحرَّمات والمُنكَرات، ويتكلم معك بالبذيء من القول، أو يبهتك ويكذب عليك عندما تقع بينك وبينه خصومة، وفُجُوره دليلٌ على خِسَّة نفسه، وعلامة على دناءته، وعنوان لانحطاطه الأخلاقي، فمثل هذا لا ينبغي لك أن تتخذه صديقاً لأن الصديق أكثر الناس التصاقاً بصديقه، وذلك يوفر له فرصة أكيدة للتأثير فيك، خصوصاً إذا كانت شخصيتك ضعيفة، أو كانت ثقتك بنفسك متدينة، أو مستواك العلمي والمعرفي بسيط ما يجعلك أداة طَيِّعة في يده يأخذك حيث يشاء وأنّى يشاء.

الصورة الثالثة: إن من أعظم الجهل الثِّقة بالغادر، وهو الذي ينقض عهده أو عهوده معك، ولا يفي لك بشيء منها، فمثل هذا لا يمكنك أن تطمئن إليه بحال من الأحوال، فما أسرع أن يقطع الصلة معك، وما أسرع أن يكذب عليك، أو يخونك، أو يتخلّى عنك، ويُسلمك إلى أعدائك، أو أزماتك ومشاكلك، فالمراهنة عليه مراهنة على سراب، والثقة به ثقة بالوهم.

بقلم الكاتب والباحث في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha