ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الأماني جزء أصيل من التكوين النفسي للإنسان

15:20 - September 20, 2023
رمز الخبر: 3492763
بيروت ـ إکنا: إن الأماني أمر طبيعي بالنسبة للإنسان وجزء أصيل من تكوينه النفسي، وهي تتناسب مع فطرته التي فطره الله عليها، وتعتبر مُوَلِّدات ومُحركات تُوَلِّد فيه الرغبة في العمل وتدفعه إلى البحث والإبداع والإنتاج والتطوير.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رُبَّ أُمْنِيَّةٍ تَحْتَ مَنِيَّةٍ".

ما أكثر الأماني عند البشر وما أوسعها، وإنها من الكثرة ما لا عدَّ لها ولا حصر، وهي ترافق الإنسان طول حياته، فتراه يُمَنِّي نفسه في الحصول عليها، قد يتحقق له بعضها، ويخفق في الحصول على معظمها، وكُلٌّ من النجاح والفشل له أسبابه، ومن أهمها أن تكون الأمنية واقعية، وممكنة التَّحَقُّق، وأن يسعى إليها بالعمل الجاد، والأداء المُتقن، وأن يبذل لها ما تحتاج من إمكانات. وإلا كان الفشل الذريع.

إن الأماني أمر طبيعي بالنسبة للإنسان وجزء أصيل من تكوينه النفسي، وهي تتناسب مع فطرته التي فطره الله عليها، وتعتبر مُوَلِّدات ومُحركات تُوَلِّد فيه الرغبة في العمل وتدفعه إلى البحث والإبداع والإنتاج والتطوير، شأنها شأن بقية الرغبات التي جُبلَ الإنسان عليها، لولاها لما تحرَّك ولا اندفع إلى العمل، فبالأماني تتحفَّز الهِمَم، ويُصنَع الأمل. 

ولكل شخص أمنيات ورغبات، وهي تختلف من شخص لأخر، فالفقير يتمَنَّى الثَّراء، والمريض يتمَنَّى العافية، والموظف يتمَنَّى التَّرَقٌي في سُلَّم الوظائف، والتاجر يتمَنَّى الربح، والمُزارع يتمَنَّى حصادا وافراً، والعالِم يتمَنَّى مزيداً من العِلم، والعابِد يتمَنَّى المزيد من العبادة، والمُؤمن يتمَنَّى المزيد من رضوان الله وهكذا، لا تنقطع الأماني والبشر ما بين مستقل لا يقنع بالقليل منها، ومستكثر لا يشبع ولو تحققت له جميعاً لتمنى المزيد، وإنه ليتجاوز بأمانيه الأرض إلى السماء.

ولكن على المَرء أن يتنبه لأمانيه من جهات:

الجهة الأولى: أن يتمَنَّى ما يتمكن من تحقيقه، لأن تَمَنِّي ما لا يكون يرجع على المَرء بنتائج سلبية خطيرة، إذ يقتل الأمل في نفسه ويجعله رهين اليأس، ويقتل طاقاته ويقضي على قابلياته.

الجهة الثانية: أن تكون الأماني حَقَّة فليس له أن يتمَنَّى ما يكون باطلاً، أو حراماً، أو وَهماً من الأوهام التي ينخدع لها، فيصير أسيراً لها، وحين يكتشف أنها أوهام وحسب تكون الفاجعة كبيرة.


الجهة الثالثة: ألا يكتفي بالأماني دون العمل إذ لا يكون ذلك إلا من الجاهل، ولهذا قال الإمام أمير المؤمنين (ع): "الأَمانِي بِضاعَةُ النَّوْكى" أي بضاعة الحَمقى، التي لا تباع ولا تُشترى. 

وهناك أمر لا يجوز أن يغيب عن بالنا، وهو ما نَبَّه إليه الإمام أمير المؤمنين (ع) بقوله: "رُبَّ أُمْنِيَّةٍ تَحْتَ مَنِيَّةٍ" المَنِيَّةُ الأجل المُقَدَّر، لأنها تنقص العدد وتقطع المدَد. وقيل: أنها الموت. لأنه يَمُنُّ كلَّ شيء يضعفه، وينقصه، ويقطعه. والمعنى أن بعض الأماني لا تتحقق لأن الموت يعاجلنا قبل أوان تحققها، وما أكثر الأماني الذي ذهبت أدراج الرياح أو بقيت أمنيات في النفوس، ولو قُدِّر لنا أن نجد مكاناً مشحونا بالأماني لكان (المقابر) فكم من أمنيات وأمنيات مات أصحابها فذهبت معهم إلى حيث ذهبوا ولم تتحقق، تَمَنَّوا حصولها لكن عاجلهم الموت.

وهناك أمانٍ لا تتحقق إلا بالمخاطرة ومواجهة الصِّعاب، وما أكثر الأشخاص الذين تقتلهم أمانيهم حيث يواجهون الأخطار الجِسام ليحققوها، كأولئك الذين يبحثون عن الذهب والألماس يمنون النفس بالثراء فإذا بتلك الأمنية تكون سبباً لموتهم أو قتلهم. 

بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

captcha