ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الصِّلة التي تؤدي إلى التضييق على الآخرين هي صلة ثقيلة الوطأة

14:35 - September 23, 2023
رمز الخبر: 3492793
بيروت ـ إکنا: الصِّلة التي تؤدي إلى ثقل على الآخرين وتضييق عليهم هي صلة ثقيلة الوطأة عظيمة الكلفة، ومن يك كذلك يجتنبه الناس ويبتعدون عنه، ويغلقون الأبواب في وجهه، ويتعللون بعشرات الأعذار لتجَنُّب اللقاء به.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رُبَّ مُواصَلَةٍ أَدَّتْ إِلى تَثْقيلٍ".

خِفَّيف الظِّل، خفَّيف الدم، أوصاف يطلقها عامة الناس على الشخص المهذَّب في تواصله، الراقي في تعامله، الذي لا يُثقل عليهم إذا حضر، ولا يكلفهم فوق ما يُطيقون، يحترم خصوصياتهم، ولا يحشر أنفه في الصغير والكبير من شؤونهم، ولا يتدخل فيما لا يعنيه من أمورهم، إن سألوه النصح مَحَضهم النصيحة، وإن سألوه المَشورة أشار عليهم بصدق ومودة ومحبة النفع لهم، يعرِفُ حدَّه معهم فيقف عنده، احتراماً لهم واحتراماً لنفسه. مثل هذا إن غاب افتقدوه وحَنّوا إليه واشتاقوا للقياه، وأحبوا مجالسته، ومَحضوه المودة والاحترام والتقدير.

ويقابله شخص ثقيل الدم، ثقيل الوطأة، غليظ، لا يعرفون متى يدهمهم في الليل أو في النهار، وعلى مدار الأسبوع، وقد يأتيهم في الصباح الباكر ويرحل عنهم مساءً، وقد يقيم عندهم الأسبوع والأسبوعين والشهر والشهرين، يزورهم ساعة يشاء دون مراعاة لوقتهم ومشاغلهم، قد يطرق بابهم أول النهار أو آخره، وأول الليل أو وسطه، وإن زارهم أطال المكث عندهم ساعات وساعات، وهم ينتظرون ارتحاله عنهم ليقوموا إلى أعمالهم، أو لينالوا قِسطاً من راحتهم، أو ليجلسوا إلى أفراد أسرهم، لكن صاحبنا لا يهتَمُّ لذلك، ولعله لا يفهم معنى أن يكون للناس وقت يرتاحون فيه، أو وقت ينجزون فيه أعمالهم، وليته يكتفي بتضييع وقتهم وهو أثمن ما يملكون، بل يجول في منزلهم، يخرج من غرفة ليدخل إلى أخرى، يسألهم عن هذا وذاك، يتطفَّل عليهم في الصغير والكبير، ويحشر أنفه فيما يعنيه وفيما لا يعنيه، ويبدي رأيه في كل شيء، سألوه عن رأيه أم لم يسألوه، يدس نفسه معهم في أيِّ رحلة أو نزهة أو زيارة أو سفر، وإن سافر معهم اعتمد عليهم وألقى بالكلفة على جيوبهم، ثم يعتب عليهم إن كان منهم تقصير أو قصور.

وهذا الشخص ثقيل، ومزعج، وسلبي، وتواصله معك ثقل على ثقل، وصداقته عبْءٌ فوق عِبءٍ، بل أعباء متجددة دائمة، والفرار منه أقل الخيارات التي يمكنك أن تأخذها، وإن لم يمكنك ذلك فضع له حدوداً لا تسمح له أن يتجاوزها، لأنه وأمثاله يحولون حياتك إلى ضيق وضنك، وقد يكونوا السبب في تقصيرك مع أفراد أسرتك وتوتير علاقتك بهم، والسبب في فشلك. 

فالصِّلة التي تؤدي إلى ثقل على الآخرين وتضييق عليهم هي صلة ثقيلة الوطأة عظيمة الكلفة، ومن يك كذلك يجتنبه الناس ويبتعدون عنه، ويغلقون الأبواب في وجهه، ويتعللون بعشرات الأعذار لتجَنُّب اللقاء به.أما ذاك الصنف من الناس فلو كان يحترم نفسه ويقدر ذاته لاجتنب ذلك وكان نسمة إذا حضر، ونسمة إذا اتصل، وذكرى طيبة إذا غاب.


بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha