ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

أقوال الامام علي(ع) حول الصمت

0:40 - October 06, 2023
رمز الخبر: 3492938
بيروت ـ إکنا: إن الشخص الذي يواجه بعض المواقف بالسكوت تزداد جاذبيته وترتفع مكانته، ويصير محطَّ أنظار الناس الذين يرون فيه إنساناً قادراً على ضبط انفعالاته والتحكم بمشاعره، فيصير قدوة لهم، ويجهدون في التأسّي به عندما يواجهون مواقف مماثلة. 

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رُبَّ أَمْرٍ جَوابُهُ السُّكُوتُ"

ما أكثر المواقف التي نواجهها كل يوم، وهي تتنوع بين الإيجابية والسلبية، ونواجه فيها أشخاصاً إيجابيين وأشخاصاً سلبيين، وكثيراً ما نتعرض لنقاشات حادة، وجدالات عقيمة ومهاترات غالباً ما تنال تسيء إلينا، وتتسبب لنا بالمهانة، وقد تتسبب لنا بأمراض نفسية وبدنية. 

تارة يستدرجنا السلبيون إلى حيث يريدون، وتارة أخرى نثبُت على قِيَمنا ومعاييرنا الأخلاقية، فنسكت عن الجواب، ويكون السكوت هو الأولى، كي لا نتردّى إلى الدَّرك الذي تردّوا فيه، ويكون سكوتنا أبلغ في الرد عليهم، والسكوت لغة بليغة فصيحة تجعل يدنا هي العُليا، وتحفظ كرامتنا وعِزَّتنا من أن ينال منها السلبيون المُهاترون، وقد توصَّلت الأبحاث الطبية المعاصرة إلى أن في السكوت سلامة للنفس من الأذى والتوتر الذي قد يؤدي إلى انزلاق الإنسان إلى عواقب لا تُحمَدُ عواقبها، كما أنه يسمح للدماغ بتجديد نفسه واستعادة وظائفه المعرفية واتخاذ القرار الملائم والرد الملائم.


الشخص الذي يواجه بعض المواقف بالسكوت تزداد جاذبيته وترتفع مكانته، ويصير محطَّ أنظار الناس الذين يرون فيه إنساناً قادراً على ضبط انفعالاته والتحكم بمشاعره، فيصير قدوة لهم، ويجهدون في التأسّي به عندما يواجهون مواقف مماثلة. 

يربينا الإسلام تربية راقية تصنع منا أشخاصاً يتجاوزون الرد بالمثل، ويترفَّعون عن السقوط في براثن الشَتّامين والسَّبابين، ويبقون ثابتين على قيمهم وأخلاقهم ولو قصفهم الأوغاد بالشتائم والكلمات النابية الجارحة، ولا يساعدون المستفزين لتكوين بيئة خصبة للمناكفات والمهاترات والمواقف المستفزة والردود غير العاقلة، بل يمضون لشأنهم كأنهم لم يسمعوا زعيقهم وفحيحهم، يقولون: سلاماً، ويكتفون بذلك، يقولون: سلاماً، لا نبتغي الجاهلين، ولا ينحدرون من عليائهم إلى حضيضهم.

التعامل مع المواقف المُخزية والشتائم 

التعامل مع المواقف المُخزية والشتائم والإهانات لا يجوز أن ينطلق من انفعالٍ وغضب، بل ينطلق من وعي وعقلانية ونفس مترفِّعة تأبى الانجرار إلى ما يرومه الطرف الآخر، لأن الانجرار إلى ساحته يجعلنا وإياه سواء، هو يشتم ونحن نشتم، وهو يسب ونحن نسب، فلا حل عقلانيا إلا بالتَّرَفُّع عن سفاسفه، والسكوت عن الرد عليه بمنطقه.

وهناك مواقف أخرى السكوت فيها هو الأجدى، فعندما تتعرض للاتهامات الباطلة ويرميك الآخرون بالإفك والكذب، فالأفضل لك تُعرض عنهم وتمضي، لأنك إذا شغلت نفسك بالرد ستنهمر عليك مزيد من الردود، وسيختلط الحابل بالنابل، والناس بين مستمع إليك، ومستمع إليه، وبين من يُصدِّقك ومن يُصدِّقهم، فقد يكون سكوتك هو الرد الأسلم، دَعْ كذبهم ينكشف مع مرور الوقت، ودَعْ باطلهم تفضحه الأيام المُقبلة، وسيدمغ الحق باطلهم ولو بعد حين، لأن الباطل لا يدوم ولو طالت أيامه. إنه باطل والباطل لا بقاء له.

وحين يخوض جُلساؤك في الباطل، أو الغيبة، أو النميمة، أو البُهتان، أو الهتك، أو التعيير، أو الاستهزاء والسخرية، أو سوى ذلك من الباطل فإما أن تُنكِر عليهم، أو تنصرف عنهم، وإن لم تقدر على الإثنين فالسكوت هو الأجدى والأولى.

وحين تكون في مجلس تُفشى فيه الأسرار، أسرار المؤمنين، وأسرار الجماعة المؤمنة، وأسرار الوطن، فلا تتفاعل معهم وتبدأ بكشف ما في جعبتك من أسرار ولو كانت في نظرك عادية جداً، بل التزم جانب السكوت.   

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha