ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الله بالمرصاد للظالم في الدنيا والآخرة

19:41 - October 06, 2023
رمز الخبر: 3492945
بيروت ـ إکنا: إن الأرباح تُعْرَف بالنتائج التي تترتب عليها، فما أدى إلى سعادتك في الدنيا وفي الآخرة فهو ربح، بل أربح الربح، وما أدى إلى شقائك وعذابك فيهما فهو أخسر الخُسران، وما كنت معه مرتاح الضمير مطمئن النفس فهو ربح، وما كنت معه دائم القلق والتوتر ويؤنِّبك ضميرك فهو خُسران ما بعده خُسران.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رُبَّ رابِحٍ خاسِرٍ".
 
ليس كل ما تظنه ربحاً ربحٌ، وليس كل من يظن نفسه رابحاً رابحٌ، فالربح والخسارة يتقومان بالتالي:

أولاً: بالوسيلة، فما ربحتَه بالظلم والغصب والتعدِّي والقهر فليس ربحاً، وما ربحته بالسرقة فليس ربحاً، وما ربحته بالاحتكار والأسعار الفاحشة فليس ربحاً، وما ربحته بالجور والطغيان والتخوف والتهديد ليس ربحاً، وما ربحته بالكذب والاحتيال والغِشِّ والتزوير واعتماد شهادة الزور فليس ربحاً، وما ربحته بالأتاوة والخُوَّة والتسلُّط فليس ربحاً، وسيكون وبالاً عليك في دنياك قبل آخرتك، وسيرتد عليك نِقمة وعذاباً وشقاءً ولو طال الزمان، والله يسمع دعوة المظلوم ويأبى أن تجوزه مَظلَمَتُه، وهو للظالم بالمرصاد في الدنيا وفي الآخرة، فأيُّ ربح هذا الذي يعود عليك بالحَسرة والندامة، وأيُّ ربح هذا الذي يأتيك مُمتزجاً بدموع المَظلوم، وأيُّ رِبح هذا الذي تجنيه على حساب مبادئك ودينك. 
 
"هذا ربح موهوم"، وهو أشبه بجبل من الرمال ما يلبث إلا وينهار، سيذهب مالك وتبقى تَبِعَتُه عليك، وقد تُنْفِقه على صِحَّتك وصِحَّة أبنائك، ثُمَّ كيف لك أن تنام وقد جَنيتَ ما جَنيت بالمكر والاحتيال والغش والقهر، كيف لك أن تنام ومن ظلمتهم لا ينامون من شعورهم بمرارة ظلمك وتعديك، وكيف تهنأ بطعام وقد أشقيت غيرك وضيقت عليه بتجبرك وبطشك؟    

ستلاحقك لعنة كل الذين ظلمتهم وتَسَلَّطت على أموالهم وغششتهم وأرعبتهم، وسيقفون لك بالمرصاد يوم القيامة واحداً واحداً، كلهم يريد أن يقتَصَّ حقه منك، والله يقتَصُّ لهم، ويوم ذاك لن ينفعك شيء، لا مالك، ولا ولدك، ولا عشيرتك، ولا سلطانك، إذ لا سلطان إلا لله الواحد القهّار، ولا ينفعك الندم، وليس في مستطاعك أن تفدي نفسك، أو يتوسَّط لك أحد.   

"اربح"، وزِدْ في أرباحك، لا مشكلة في ذلك، ولا يمنعك الدين والعقل والأخلاق من ذلك، ولكن احرص أن تكون وسيلتك نَظيفة شَريفة مُحَلَّلَة، وأن يكون طريقك إلى ذلك بالجهد والسعي الشريفين.

وعلى هذا يربينا الإسلام الحنيف، وعلى هذا كانت سُنَّة النبي الأكرم والأئمة الأطهار من بنيه صلوات الله عليهم، فقد رُوِيَ أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين (ع) مشَوا إليه عند تفرُّق الناس عنه وفرار كثير منهم إلى معاوية طلباً لما في يديه من الدنيا، فقالوا: يا أمير المؤمنين أعطِ هذه الأموال، وفَضِّل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ومن تخاف عليه من الناس فراره إلى معاوية.

فقال لهم أمير المؤمنين: "أَ تَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ؟!، لَا وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَلَاحَ فِي السَّمَاءِ نَجْمٌ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مَالُهُمْ لِي لَوَاسَيْتُ بَيْنَهُمْ، وَكَيْفَ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْوَالُهُم‏".
 
ثانياً: بالنتيجة، إن الأرباح تُعْرَف بالنتائج التي تترتب عليها، فما أدى إلى سعادتك في الدنيا وفي الآخرة فهو ربح، بل أربح الربح، وما أدى إلى شقائك وعذابك فيهما فهو أخسر الخُسران، وما كنت معه مرتاح الضمير مطمئن النفس فهو ربح، وما كنت معه دائم القلق والتوتر ويؤنِّبك ضميرك فهو خُسران ما بعده خُسران.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha