فيما يلي نصّ كلمة الباحث الايراني في الدراسات القرآنية "الشيخ الدكتور محمد حاج أبوالقاسم دولابي":
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.
فلننظر في آيات الجزء 26 من القرآن، في هذا الجزء وفي سورة الأحقاف يؤكد الله تعالى الإحسان إلى الوالدين.
جاءت عبارة "وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" 4 مرات في القرآن الكريم، وفي جميعها جاءت الدعوة إلى الإحسان إلى الوالدين بعد عبادة الله.
جاء في القرآن 5 مرات لفظ "وصّينا"، 3 منها ترتبط بالوالدين.
الحمد الله وثناءه رافق في هذه الآيات حمد الوالدين وشكرهما.
البرّ بالوالدين والإحسان بهما، من الأحكام العامة عند الله لاتختص بديانة دون الأخرى.
ولهذا قال الله تعالى "وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ"، أي كل إنسان وليس كل مسلم فرض عليه الاهتمام بوالديه.
في سورة الأحقاف دور الأم أبرز وأهم، في الآية 15 من هذه السورة يقول تعالى بعد لفظ الوالدين يشرح آلام الأم "حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا".
بحسب هذه الآيات نتيجة خدمة الأم أولاً قبول الأعمال، ثانياً: غفران الذنوب، وثالثاً: الجنة.
"أُولَٰئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ۖ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ".
الأم بسبب مشقة فترة الحمل والولادة والرضاعة، لها حق خاص على أبناءها، ويجب الإحسان بها أكثر.
في رواياتنا أيضاً هناك تأكيد أكثر على الإحسان بالأم.
رُوي عن رسول الله (ص) أنه ثلاث مرات أوصى بالإحسان بالأم ثم أوصى بالإحسان بالأب.
من مجموع الآيات والروايات نتوصل إلى دور الأم الأساسي في الأسرة، وبما أن الأسرة لها دور أساسي في بناء المجتمع، فدور الأم الأساسي في بناء المجتمع جليّ.
في المقابل إذا تزلزل دور الأم في المجتمع فتتزلزل الأسرة، وإذا انهارت الأسرة فينهار المجتمع، كما أن في بعض المجتمعات الغربية وبسبب عدم الاهتمام بدور الأم حصلت هذه الكارثة، بالتالي الكثير من الناس يعيشون فردياً وعُزاب.
والوحدة تفرض على الإنسان خسائر فادحة كـالانتحار والكآبة والأمراض النفسية، قبل سنوات قدّرت صحيفة "الغارديان" مستوى خسارة المتوحدين للمجتمع البريطاني ما يقارب الـ32 مليار جنية إسترلیني سنوياً.
الغرب يعاني من إنهيار الأسرة حقاً، أسباب هذا الوضع في الغرب عديدة، منها التطرف في جرّ النساء إلى خارج المنزل، وتراجع دور ربّة البيت والاهتمام بالزوج، والأمومة والانفلات في العلاقات بين المحرم وغير المحرم، والتي تؤدي إلى زيادة نسبة الخيانة في خارج الأسرة، وفقد البيت والأسرة شأنه.
الودّ والهدوء في الأسرة أصبحا غير موجودین، وبالتالي الأسرة فقدت معناها، نتيجة هذا المسار هي تزايد أعداد الأبناء غير الشرعيين في الدول الغربية.
وفق إحصائيات مركز الدراسات الأسرية التابع للأمم المتحدة، 56 بالمئة من الأبناء المولودين في فرنسا هم أبناء غير شرعيين، وهذه النسبة في السويد 55 بالمئة، وفي المكسيك 56 أو 57 بالمئة، وفي إنجلترا 46 بالمئة، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 41 بالمئة، وفي ألمانيا 35 بالمئة، وفي ألمانيا التي تتمتع بوضع أفضل من غيرها تقريباً واحد من بين كل ثلاثة هو ابن غير شرعي.
هذا الوضع جاء نتيجة إضعاف مكانة الأم في الغرب، فالـنكرّم شأن الأم.
في أمان الله".