فيما يلي نصّ كلمة الباحث الايراني في الدراسات القرآنية "الشيخ الدكتور محمد حاج أبوالقاسم دولابي":

"بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.

في الجزء الثاني والعشرين من القرآن، تشير آيات سورة الأحزاب المباركة إلى الحرب الهجينة للعدو في صدر الإسلام.

الحرب التي لها أوجه عديدة، كان لها وجه عسكري ووجه ثقافي.

في البُعد العسكري كل الأحزاب تحالفت لهزيمة المسلمين، ولكن نصر الله تعالى المسلمين عليهم.

ولكن أعداء الإسلام بعد هزيمتهم في حرب الأحزاب العسكرية، إنتهجوا الهجوم الثقافي.

بحسب آيات سورة الأحزاب والإشارات التي تتضمنها هذه السورة النیرة، تستهدف الحرب الثقافیة قضایا الأسرة والمرأة.

إن الأعداء بالنسبة إلی الأحکام الإلهیة التي نزلت في شأن الأسرة، أطلقوا هجمات إعلامیة وخلقوا أجواء علی النبي (ص).

إحدی إستراتیجیات الدین الإسلامي للإنتصار في تلك الحرب هي التأکید علی الإمتثال للتعالیم الإلهیة.

ویقول الله تعالی " مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ۖ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا".

علی الرسول(ص) أن لاینحرج فی تطبیق أحکام الشریعة الإلهیة، هذه هي سنة الله عند الأسلاف.

ثم یقول الله تعالى "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا".

واجب الرجال الإلهیین هو تنفیذ المهام الإلهیة وأن لایخشون إلا الله.

في الحرب الثقافیة أهم إستراتیجیة إلهیة هي التأکید على حراسة أحکام الله وإجتناب التراجع في هذا المجال.

في قصة أخری ترویها السورة نفسها حيث قام منافقوا المدینة بإیذاء النساء المؤمنات، فأمر بتعزیز ثقافة الحجاب والعفاف لتکون سبباً في تعزیز أمن المرأة.

" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا".

الحجاب بمعنی الستر الإسلامي للمرأة له سلبیات وإیجابیات، البُعد الإیجابي للحجاب هو ستر الجسد، والبُعد السلبي للحجاب هو تحریم الإستعراض علی الرجال الغیر محرم.

ویجب أخذ هاتين النقطتین معاً بعین الإعتبار لیتحقق الحجاب الإسلامي.

أحیاناً قد یکون البُعد الأول موجوداً ولکن البُعد الثاني لایوجد، وفي هذه الحالة لا یمکننا القول إن الحجاب الإسلامي متحقق.

والنقطة الأخری هي أن هناك فرقاً بین الحجاب والعفة، الفرق بین الحجاب والعفاف هو الفرق بین الظاهر والباطن، الحجاب یرتبط بالظاهر والعفة ترتبط بالباطن، لأن العفة حالة باطنیة.

ولکن نظراً إلی تأثیر الظاهر علی الباطن و تأثیر الباطن علی الظاهر من خصال الناس عموماً.

فبین الحجاب والستر الظاهري وبین العفة والستر الباطني للإنسان توجد علاقة تأثیر وتأثر متبادلين، وهذا یعني مهما الحجاب الظاهري کان أفضل يؤدي ذلك إلی رعایة الستر الباطني والعفة عند المرأة والعکس، مهما العفة الباطنیة کانت أکبر تسببت في مزید من الحجاب في مواجهة الرجل الغیر محرم

الإنتصار علی الحرب الثقافیة للعدو أساسها حراسة الأحکام الإلهیة وتأکید الحجاب

في أمان الله".