ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

الأخلاق الفاضلة تعني تَطَلُّع الإنسان إلى الكمال

1:29 - November 16, 2023
رمز الخبر: 3493466
بيروت ـ إکنا: إن الأخلاق الفاضلة تعني تَطَلُّع الإنسان إلى الكمال، والتقدم في طريق السُّمُوِّ المعنوي والروحي، وكلما حاز المرء فضيلة من الفضائل الأخلاقية كلما سمى وارتقى وعرج إلى مرتبة أعلى من مراتب الكمال، ويضل هكذا يعرج ويسمو حتى يصل إلى مقام "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيْمٍ".

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "سُوءُ الْخُلْقِ يُوحِشُ الْقَريبَ وَيُنْفِرُ الْبَعيدَ"
 
ما الإنسان إِلّا أخلاق، فما سُمِّيَ الإنسان إنساناً إلا لأنه يأنس بغيره ويأنس غيره به، ولا يأنَس ويُؤْنَسُ به إلا إذا اتصف بصفات أخلاقية راقية، وحاز على الفضائل التي يُحَسِّنها العقل، واجتنب الرذائل والقبائح التي يُقَبِّحها العقل.

إن الإنسان يتعامل مع الناس بأخلاقه لا ببدنه، البدن آلة وحسب، يشاركه فيها بقية الخلق من الحيوان، فهي ذات أبدان كذلك، لكنه يمتاز عنها بأخلاقه، وبالأخلاق يرتقي مقامه في الناس أو ينخفض، فإن كان ذا خلق حَسَن أقبلوا عليه والتَفّوا حوله وأحبوه واقتدوا به، وإن كان ذا خلق سَيِّءٍ انفضوا عنه، ونفروا منه، وكرهوا أن يعاملوه، وتجنَّبوا التواصل معه، وقد جاء في الحديث عن الإمام أمير المؤمنين (ع): "رُبَّ عَزيزٍ أذَلّهُ خُلقُهُ، وذَليلٍ أعَزَّهُ خُلقُهُ"
 
إن الأخلاق الفاضلة تعني تَطَلُّع الإنسان إلى الكمال، والتقدم في طريق السُّمُوِّ المعنوي والروحي، وكلما حاز المرء فضيلة من الفضائل الأخلاقية كلما سمى وارتقى وعرج إلى مرتبة أعلى من مراتب الكمال، ويضل هكذا يعرج ويسمو حتى يصل إلى مقام "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيْمٍ".
 
وبهذا يتبين لنا حاجة الإنسان إلى الأخلاق، لأن إنسانيته لا تتكامل إلا بها، ولذلك جاء في الحديث النبوي الشريف: "لَو يَعلَمُ العَبدُ ما في حُسْنِ الخُلقِ لَعَلِمَ أنَّهُ مُحتاجٌ أنْ يكونَ لَهُ خُلُقٌ حَسَنٌ" وقد أكدت التجربة الإنسانية أن حُسنَ الخُلُق سبب لهَناء العَيش، والحياة الطيبة، وأن الأخلاق الفاضلة تجلب المَودَّة، وتعمِّق المَحبة، وأن صاحب الخلق الحَسَن تطيب عِشرته، وتأنس النفوس به، وأنه سبب لكثرة الأرزاق.

النبي(ص) هو المثل الأعلى في جميع الفضائل
 
يقابل ذلك سوء الخُلُق، وهو انحراف نفساني، يسبب انقباض الإنسان وغلظته وشراسته، وحسبك في خِسَّة هذا الخلق وسوء آثاره، أن الله تعالى خاطب سيد رسله، وخاتم أنبيائه، وهو المثل الأعلى في جميع الفضائل والمكرمات قائلاً: "...وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ..."﴿آل عمران/159﴾. وقال رسول الله (ص): "عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الْخُلُقِ، فَإِنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ في الجَنَّةِ لا مَحَالَةَ، وَإِيّاكُمْ وَسُوء الخُلُقِ، فَإِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ في النّارِ لا مَحَالَة".
 
سوء الخلق شُؤم على صاحبه، وسبب لنفور الناس وملَلِهم منه، ويؤدي بالإنسان إلى الذلة والمهانة، والطيش، ويُنَغِّص الحياة، ويُنَكِّدُ العيش، ويجعل المرء في وحدة ووحشة، وقد جاء في الحديث عن الإمام أمير المؤمنين (ع): "مَن ساءَ خُلقُهُ أعْوَزَهُ الصَّديقُ والرَّفيقُ".
 
فحَرِيٌّ بمن يرغب في المحافظة على إنسانيته وكرامته وتقدير ذاته أن يُطهِّر نفسه من سوء الخلق، والسبيل إلى ذلك أن يقارن بين حُسْنِ الخلق وسوئه، وبين صاحب الخلق الحَسَن وصاحب الخلق السَّيء، ويرى كرامة الأول ومَهانة الثاني، وسُمعة الأول وسمعة الثاني، وإقبال الناس على الأول ونفورهم من الثاني، ومكانة الأول عند الله ومكانة الثاني عنده، وأن يعمل على تهذيب أخلاقه، وترويض نفسه، وضبط أعصابه، والتَّحكم في انفعالاته، وكبح غضبه، وقمع بوادر الخلق السَّيء والإمساك بها، والتَّرَيُّث والأناة قبل أن يبادر إلى الفعل والقول. وهناك من قد يحتاج إلى العلاج الطبي وتناول الدواء الذي يصفه الأطباء لمثله فقد يكون سوء خلقه ناشئاً من أسباب مَرَضية جسمية.
 
بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
 
captcha