ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

معظم عوامل زوال الأمم والدول ترجع إلى الظلم

12:44 - November 07, 2023
رمز الخبر: 3493353
بيروت ـ إکنا: تزول الأمم والدول كما قال الإمام أمير المؤمنين (ع) بفعل عوامل عديدة ترجع في معظمها إلى الظلم، والظلم هو تجاوز الحد في كل شيء، ووضع الأمور في غير مواضعها. 
معظم عوامل زوال الأمم والدول ترجع إلى الظلمورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "زَوالُ الدُّوَلِ بِاصْطِناعِ السُّفَّلِ".
 
لا شيء يدوم سوى الله تعالى، كل شيء هالك إلا وجهه، فالموت والزوال عن هذه الدنيا هو الحقيقة الوجودية الكبرى التي لا تحتاج إلى برهنة، وقد جعل الله لكل مخلوق أَجَلٌ لا يسبقه ولا يتأخَّر عنه، وكما أن لكل فرد منا أَجَلٌ كذلك لكل جماعة وأُمَّة أَجَل، وهذه كذلك حقيقة كبرى من حقائق الحياة الإنسانية، فالأمم تموت كما يموت الأفراد، والدول تزول وتنتهي وتتلاشى حين يأتي أجلها، والأجل المضروب لها إما أجَلُ كل جيل من أجيالها بالموت المعروف، وإما أَجَلٌ بمعنى الأَمَد المقدر لقوتها ومكانتها وحضورها وتأثيرها في الأرض، فلكل أجَل لا يعدوه، وليس هناك خلود لأحد.
 
تلك هي سُنَّة الله في الحياة، وهي سُنَّة مُطَّردة لا تتبدَّل ولا تتحوَّل، وكما لا ينبغي للفرد أن ينسى هذه الحقيقة الوجودية الكبرى، كذلك لا ينبغي لأيِّ أُمَّة مهما قَويَت وعَلَت وتقلَّبت في طول الأرض وعرضها، ومهما امتدَّ الزمان بها أن تغفل عن هذه الحقيقة، وتعتبر نفسها باقية خالدة.
ومِمّا لا شَكَّ فيه أن الأمة تتشكل من مجموع أفراد يلتقون على منطلق واحد وهدف واحد، بحيث تتفاعل طاقاتهم جميعاً في خدمة الهدف الذي يجمعهم، فالأمة ليست وجوداً منفصلا عن الأفراد بل هي ناتج وجودهم، وقوتها وضعفها ناتج قوتهم وضعفهم، فكل ما يتصف به أفرادها من صفات إيجابية، أخلاقياً، واجتماعياً، وعلمياً، ومعرفياً، فتكون الأمة على شاكلتهم، وإذا كان العكس تكون الأمة كذلك، فكل ضَعف يصيب أفرادها يصيبها.

ومِمّا لا شَكَّ فيه أيضاً أن لقيادة الدولة دور عظيم بل دور مِحوري في قوة الدولة أو ضعفها، فالقائد الذي يستثمر طاقات الأمة ويوجهها في الاتجاه الصحيح، ويقودها بعلم ومعرفة وعقلانية، والتزام بالقوانين المقررة، ويكون متصفاً بالصفات الأخلاقية العالية، من الرُّشد، والحكمة، والعدالة، والانصاف، والإحسان، والصدق، والإخلاص، وسوى ذلك من الصفات فلا شك في قدرته على التقدم بأمته والارتقاء بها إلى مصاف القوة والاقتدار، وجعلها نموذجا حضارياً يُقتدى به.

أما إذا كان القائد من أراذل الناس وسَفَلتهم، مِمَّن لا علم له ولا معرفة، ولا يتمتع بخبرة ولا حِنكة، ولا يتصف بصفات حَميدة، وخِصال رشيدة، وليس فيه شيء من العدل والانصاف، ولا يراعي في أمته حدود الله تعالى، فيتجاوز عليهم ويظلمهم ويطغى ويستبد برأيه، ويُقرِّب إليه المادحين المتملقين المتزلفين، ويُبعد عنه الناصحين الصادقين فمن الطبيعي أن يتراجع بأمته وينحدر بها يوماً بعد يوم إلى الحضيض حتى تصير خبراً من الأخبار. 
 
هكذا تزول الأمم والدول كما يكشف الإمام أمير المؤمنين (ع)، تزول بفعل عوامل عديدة ترجع في معظمها إلى الظلم، والظلم هو تجاوز الحد في كل شيء، ووضع الأمور في غير مواضعها، ومن ذلك اصطناع السُّفَّل، أي اختيارهم للقيادة وإيكال المهمات القيادية والإدارية إليهم، فهذا من الظلم لأنك تضعهم في غير مواضعهم. 
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha