ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

كون الرزق بيد الله حقيقة لايمكن إنكارها

23:19 - November 03, 2023
رمز الخبر: 3493303
بيروت ـ إکنا: إن الله تعالى وهو الرزّاق الحكيم، والعليم الخبير، يُقَدِّر أرزاق الخلق كل الخلق، فيزيدهم تارة وينقص عنهم تارة أخرى، ويوازن بينهم، فيرزق بعضهم ما يمنعه عن غيره، وينقص من حظ هذا ويزيد في حظِّ ذاك، مراعياً في ذلك مصلحتهم واستقرار حياتهم، قال سبحانه: "إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا" ﴿الإسراء/30﴾.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رِزْقُ الرَّجُلِ مُقَدَّرٌ كَتَقْديرِ أَجَلِه".

أمران مقدران لا نملك حيالهما إلا الرضا والتسليم: أولهما: أرزاقنا، والثاني: آجالنا. كلاهما بيد الله تعالى حصراً، وليس لرغباتنا وأمانينا أي تأثير في زيادتهما أو النقص منهما.
 
أما كون الرزق بيد الله حقيقة لا يمكن إنكارها بحال من الأحوال، بل هي من أصدق وأوضح الحقائق، يكفي أن تعرف قارئي الكريم الأمر التالي: لو كان أمر أرزاقنا بأيدينا لما كان مِنَا فقير أبداً. ولما كفانا كل ما في الأرض، بل لتطاولت أعناقنا إلى السماء نريد أن نطال النجوم والكواكب عَلَّنا نملكها ونستجلب مزيداً من الرزق.

ولو كان أمر أرزاقنا بأيدينا لحفظناها من الخُسران والنقصان، إن خسارتنا لها دليل قاطع على أنها لم تكن منا، ولم تكن من سوانا من الناس، لأنهم مثلنا في ذلك، نحن وإياهم سواء، فهي من الله وحده، هو الذي خلقنا ورزقنا الوجود، فأصل وجودنا فيض منه، وكل ما نحتاج إليه بعد ذلك رزق منه، أرواحنا رزق منه، وأبداننا رزق منه، وجوارحنا رزق منه، وعقولنا رزق منه، وتفكيرنا رزق منه، كل شيء فينا ومعنا رزق منه، يتفضل به علينا، وإن شاء أخذه منا فلا نستطيع له طلباً.
 
إن الله تعالى وهو الرزّاق الحكيم، والعليم الخبير، يُقَدِّر أرزاق الخلق كل الخلق، فيزيدهم تارة وينقص عنهم تارة أخرى، ويوازن بينهم، فيرزق بعضهم ما يمنعه عن غيره، وينقص من حظ هذا ويزيد في حظِّ ذاك، مراعياً في ذلك مصلحتهم واستقرار حياتهم، قال سبحانه: "إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا" ﴿الإسراء/30﴾.

فالله سبحانه يبسط في الرزق ويوسِّع فيه، يبسطه لمن يشاء عن حكمة وخبرة، ويُضيِّقه على من يشاء عن حكمة وخبرة، والله سبحانه قادر على أن يوَسِّع على جميع خلقه، ولكن مصلحة الخلق تقتضي ذلك التفاوت والتنوع والبسط والقبض، فلو اغتنوا جميعا لطغوا ولو افتقروا جميعاً لطَغَوا، وهو تعالى بهذا وذاك يختبر الإنسان كيف يتعامل حال السعة وحال الضيق.
 
وما يجب التنبيه إليه هو: إن كون الرزق مقدراً كما الأجل، لا يُعفي الإنسان من واجب السَّعي في طلب رزقه، ولا يعفيه من الرغبة في الكثير والسَّعَة، ولا يعفيه من تطوير مهاراته واستثمار طاقاته في هذا السبيل، ولا يعفيه من التَّعب والكَدِّ وبذل الجهد المطلوب، فالرغبة في سعة الرزق والسعي إليه وتطوير المهارات اللازمة، واستثمار الطاقات، وبذل الجهد الكافي كل ذلك واجب، وهو ملحوظ في تقدير الله له. 

فكما أن كَون الأجل مقدراً لا يعفي الإنسان من واجب حماية نفسه وتجنيبها كل ما يضرها، وعدم إلقائها في التهلكة، كذلك كون الرزق مقدراً لا يعفي الإنسان من واجب السعي. 
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha