ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

كيفية مواجهة الشر في أقول الامام علي(ع)

23:28 - November 05, 2023
رمز الخبر: 3493330
بيروت ـ إکنا: إن الشَّر لا يدفعه إلا الشر، والقتل لا يدفعه إلا القتل، والتدمير لا يدفعه إلا التدمير، والإيلام لا يدفعه إلا الإيلام، والقسوة لا تدفعها إلا القسوة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رُدُّوا الْحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ، فَإِنَّ الشَّرَّ لَا يَدْفَعُهُ إِلَّا الشَّرُّ".
 
هذه معادلة يرسمها الإمام أمير المؤمنين (ع) للتعامل مع العدوان الغاشم الظالم، ومواجهة البغي والطغيان، ومقارعة الظلم والاستبداد، الذي يتجاوز معك كل الحدود، ولا يخاف الله فيك، ويعتدي عليك بوحشية وقسوة، ولا يرعوي عن قتلك، ونهبك، واغتصاب حقوقك، وهدم بيوتك، واحتلال أرضك، وإخضاعك، وإذلالك، واستعبادك.
 
إن الشَّر لا يدفعه إلا الشر، والقتل لا يدفعه إلا القتل، والتدمير لا يدفعه إلا التدمير، والإيلام لا يدفعه إلا الإيلام، والقسوة لا تدفعها إلا القسوة.
ردوا الحجر من حيث جاء، أي واجهوا القوة بالقوة، والعنف بالعنف، والصَّاع بالصَّاع، والسيف بالسيف، والسَّهم بالسَّهم، والعدوان بالدفاع.
 
لا يواجَه الظلم بالورود، ولا باليد الممدودة للسلام، ولا بالخنوع، ولا بالاستسلام، ولا يُواجَه بالدعاء والصلاة، ولا يواجه بالمنشورات والتغريدات، العدو الذي اقتلعك من أرضك، وفرض هيمتنه عليك، وأحال حياتك إلى جحيم، ونهب ثرواتك، لا تصافحه، ولا تبتسم في وجهه، ولا تخنع له، قابله بما يُؤلمه ويُرعبه ويُخيفه، واثْبُتْ له ولا توَلِّه الدُّبر. 
 
وإذا كان العدوان لا تنفع معه أخلاق، ولا يردعه دين ولا ضمير، ولا توقفه عند حده قرارات أممية، ولا مظاهرات عالمية، فلا سبيل إلا بمقابلة شره بالشر، وعنفه بالعنف، هذا ما يعلمنا إياه أمير المؤمنين (ع).
 
في معركة صِفِّين التي نشبت بين الإمام أمير المؤمنين (ع) وبين معاوية، كان الإمام قد سبقه بجيشه إلى نهر الفرات فكان يسمح لمعاوية وجيشه بالاستفادة من الماء، ولم يمنعه من ذلك، لكن معاوية شَنَّ حملة انتهت بسيطرته على الماء فمنع جيش الإمام (ع) من الاستفادة منه، فشكا الجيش إليه ما فعله معاوية بهم فقال (ع) لهم: "قَدِ اسْتَطْعَمُوكُمُ الْقِتَالَ، فَأَقِرُّوا عَلَى مَذَلَّةٍ وَتَأْخِيرِ مَحَلَّةٍ، أَوْ رَوُّوا السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ، فَالْمَوْتُ فِي حَيَاتِكُمْ مَقْهُورِينَ، وَالْحَيَاةُ فِي مَوْتِكُمْ قَاهِرِينَ، أَلَا وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الْغُوَاةِ وَعَمَّسَ عَلَيْهِمُ الْخَبَرَ حَتَّى جَعَلُوا نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ الْمَنِيَّةِ".

ولما سمع أصحاب الإمام (ع) مقالته نزعوا عمائهم وحملوا سيوفهم وهجموا على جيش معاوية يقاتلونهم قتال الشجعان الأشاوس حتى أثخنوهم قتلا وجرحا وأبعدوهم عن الماء مسافة طويلة.
 
وقد رَسَم الإمام (ع) بمقالته الخالدة هذه منهجاً خالداً للتعامل مع العدوان والبغي والظلم، فإما أن يختار المَرء المَذَلَّة والمَهانة والخنوع والاستسلام، أو يختار المواجهة والمنازلة، والمنازلة هي التي تحقق له ما يرغب في تحقيقه، ثم كشف عن مفهوم خالد للحياة والموت، فالموت الحقيقي هو أن يكون الإنسان مقهوراً مستعبداً مسلوب الحرية والاختيار، ومسلوب الكرامة والعزة، وإن كان يأكل ويشرب، فهذه حياة حيوانية وحسب، الحيوانات تعيش لتأكل وتشرب ولا شأن لها سوى ذلك، أما الحياة الإنسانية الحقيقية فهي أن يموت المرء قاهراً عدوَّه الظالم والطاغي والمستكبر.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha