ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الزينة الحقيقية للإنسان تكمن في إنسانيته

19:32 - November 10, 2023
رمز الخبر: 3493391
بيروت ـ إکنا: الزينة الحقيقية للإنسان تكمن في إنسانيته وأخلاقه والتزامه بقيمه وقوة دينه، ووقوفه عند حدوده، تكمن في تواضعه ولينه وحِلمه وحبه ووده ورحمته وعطفه، وصدقه وإخلاصه وأمانته وتفانيه وإيثاره، وشجاعته ونُبله، وكرمه وجوده، ومشاعره الإنسانية الصادقة، وعواطفه النبيلة، وتضامنه مع المحتاجين والضعفاء، ودفاعه عن المظلومين والمقهورين.

وروِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "زينَةُ الْبَواطِنِ أَجْمَلُ مِنْ زينَةِ الظَّواهِرِ".

البس ما شئت من جديد اللباسِ وأفخره وأجوده وأغلاه ثمنا، وأكثره شهرة، واشتره من أشهر المتاجر، ومن أرقى العواصم، واختر لكل لقاء بالناس جديداً منه، وليكن أَمْلَساً لا تجاعيد فيه، وواكب أحدث ما يخيطه المُصمِّمون.

وانتعل أفضل الأحذية وأجودها وأتقنها صُنعاً، وأكثرها لمعاناً، وأشدّها جَذباً للأنظار، ولتكن من أشهر العلامات التجارية.

وضع في مِعصَمك أرقى أنواع الساعات وأكثرها دِقَّة وأشدها جمالاً، ولتكن من ذهب خالص مُرَصَّع بالألماس وما نَدَرَ من أحجار كريمة. وسَرِّحْ شعرك أجمل التسريحات وعلى يد أشهر المُزَينين.

وتَعَطَّر بأفخر أنواع العطور وأكثرها جذباً وفَوْحاً. واحمل آخر ما ابتكرته شركات الهواتف لك وحدك، ليس له مثيل في يد الآخرين من أهل هذه الأرض، واركب أفْرَهَ السيارات وأجددها وأمتنها وأكثرها تَزَوُّداً بالتكنولوجيا المعاصرة، واسكن قصوراً محفوفة بجنائن ملتفة الأشجار يانعة الثمار، تخترقها الأنهار، وتغرِّد فيها أنواع العصافير والأطيار، وسافر كل أسبوع إلى حيث تشاء بطائرتك الخاصة، وتناول من الطعام أغلاه وأعلاه، وفي أرقى مطاعم الدنيا.

كل ذلك جيد ولا بأس به إن كان من حلال طبعاً، ولكنه ليس الجمال الحقيقي، ولا الزينة الحقيقية، هذا الجمال جمال ظاهري وحسب، وهذه الزينة قد تُحَسِّنك في لامعة العُيون ولكنها لا تُدخلك إلى قلوب الناس، الزينة يشتهيها الناس ولكنهم قد لا يحبون صاحبها، بل قد يكرهونه، وحده جمال الباطن هو الذي يجتذب الناس إليك، ووحده القلب النَّقي الصّافي السليم من الغِلِّ والحِقد ونوايا السوء هو الذي يفتح لك قلوب الناس لتدخلها ساعة تشاء. 

وفرق كبير بين أن يتعامل الناس مع زينتك أو يتعاملون معك، إن تعاملهم مع زينتك دونك فيه احتقار لك، من يحترمه الناس بسبب ثوبه وحذائه ومقتنياته وزينته فهم يحترمون الثوب أكثر من احترامهم له، قيمة الحذاء عندهم أعلى من قيمته، وهذه مأساة حقيقية، أما ذاك الذي يحترمه الناس لذاته يصير كل ما يلبسه أو يمسك به أو ينتسب إليه محترماً بل يغدو مُقدساً عندهم. أنت الذي تعطي الأشياء قيمتها، وأنت الذي تجعل من الأشياء البسيطة الحقيرة عالية القيمة باهظة الثمن.

زينة باطنك هي الأهم، فما قيمة أن يلبس الشخص أفخر الثياب، وقلبه مريض بالحقد والغل والكراهية والحسد، وما قيمة أن يتعَطّر بأفخر أنواع العطر ونفسه خبيثة تسيء الظن، وتأمر بالسوء.

الزينة الحقيقية للإنسان تكمن في إلتزامه بقوة دينه 

الزينة الحقيقية للإنسان تكمن في إنسانيته وأخلاقه والتزامه بقيمه وقوة دينه، ووقوفه عند حدوده، تكمن في تواضعه ولينه وحِلمه وحبه ووده ورحمته وعطفه، وصدقه وإخلاصه وأمانته وتفانيه وإيثاره، وشجاعته ونُبله، وكرمه وجوده، ومشاعره الإنسانية الصادقة، وعواطفه النبيلة، وتضامنه مع المحتاجين والضعفاء، ودفاعه عن المظلومين والمقهورين.

فليس المهم أن تراك العيون جميلاً، المهم أن تراك القلوب جميلاً، إن العيون ترى صوراً، لكن القلوب ترى حقائق، ما تراه العيون يُنسى، وما تراه القلوب يبقى ويدوم ولربما لفتَ شكلك أنظار الناس، لكنهم يعوفونك عندما تظهر حقيقتك. 

ما سبق ذكره لا يعني أَلّا تهتَمّ بزينتك الظاهرية فإنها مطلوبة، والدين يَحُثّك عليها، في مئاتٍ من النصوص القرآنية والروائية الشريفة، ولكنها ليست هي التي تحدِّد ما أنت، صفاتك الباطنية هي هويتك الحقيقية لأنك تعامل الناس بها، وكم من شخص انكشفت زينته الظاهرية الجميلة عن قلبه الأسود المشحون بالغل والكراهية والسوء. 

إن كان باطنك جميلاً فكل ما فيك جميل، وستكون مُلهما للناظرين ونموذجهم الأمثل وقدوتهم الأكمل، وإن كان باطنك قبيحاً لا سمح الله فلن تنفعك مساحيق الأرض كلها ولا جديدها ولا آخر ابتكاراتها. يقول علي أمير المؤمنين (ع): "لا خَيْرَ فِي المَنْظَرِ إلاَّ مَعَ حُسْنِ المَخْبَر".
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
 
captcha