ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

اللئيم حريص على الدُّنيا

20:07 - November 02, 2023
رمز الخبر: 3493294
بيروت ـ إکنا: إن اللئيم حريص على الدُّنيا، وبخيل بها، ومن يك كذلك لا يُرجى الخير منه ولا المعونة ولا النجدة. بهذا وصفه أمير المؤمنين (ع) إذ قال: "اللَّئيمُ لا يُرجى‏ خَيرُهُ، ولا يُسْلَمُ مِن شَرِّهِ، ولا يُؤمَنُ مِن غَوائلِهِ".
جواهر عَلَويَّةٌ
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رَضِيَ بِالْحِرْمانِ طالِبُ الرِّزْقِ مِنَ اللِّئامِ".

وحَدَّث الإمام أمير المؤمنين (ع) فقال: "قلتُ: اللَّهُمَّ لا تُحْوِجْني إلى‏ أحَدٍ مِن خَلقِكَ، فقالَ رسولُ اللَّهِ (ص): يا عليُّ، لا تَقُولَنَّ هكذا، فلَيسَ مِن أحَدٍ إلّا وهُو مُحتاجٌ إلى‏ النّاسِ. قالَ: فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، فما أقولُ؟ قالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ لا تُحْوِجْني إلى‏ شِرارِ خَلْقِكَ. قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، مَنْ شِرارُ خلقِهِ؟ قالَ: الّذينَ إذا أعْطَوا مَنُّوا، وإذا مَنَعوا عابُوا".
 
وكان عليه السلام يقول في دعائه: "اللَّهُمَّ لا تَجعَلْ بي حاجَةً إلى‏ أحدٍ مِن شِرارِ خَلْقِكَ، وما جَعَلْتَ بي من حاجَةٍ فاجْعَلْها إلى‏ أحْسَنِهِم وَجْهاً، وأسْخاهُم بها نَفْساً، وأطْلَقِهِم بها لِساناً، وأقلِّهِم علَيَّ بها مَنّاً".

إِنَّ الناس للناسِ، يحتاج بعضهم إلى بعض، ويخدم بعضهم بعضاً، ويقضي بعضهم حاجة بعضهم الآخر، هكذا شاء الله الحكيم للحياة الاجتماعية أن تكون، أن تقوم على أساس التخادم المتبادل، فهذا يخدم ذاك وذاك يخدم هذا وكلاهما يخدمان ثالثاً ورابعاً وخامساً، هكذا الحال في الأفراد وهكذا الحال أيضا في الجماعات والشعوب والأمم، وإن ذلك ليدعو الناس إلى التعارف والتواصل والتعاون، ويساهم في استقرار الحياة الإنسانية، ويضطرهم إلى تجنُّب الخلاف والحروب.

ولو أن الناس أقاموا حياتهم وعلاقاتهم على ما هداهم الله إليه، وحثَّهم على الالتزام به لاستقامت حياتهم، ورغد عيشهم، وجعلوا من حياتهم الدنيا جَنَّة لا غِلَّ فيها ولا حقد ولا حَسَد ولا تدابر ولا تقاتل، ولكنهم كفروا بأَنْعُم الله، وأعرضوا عن شريعته، واختاروا طريق الشيطان، وأقاموا من أهوائهم آلهة يعبدونها من دون الله، فمنعوا الحقوق، ونهبوا وسلبوا، واقتتلوا وقتلوا، وأبادوا ودمَّروا، ولا زالوا على ذلك وسيبقون عليه ما دام قد استحوذ عليهم الشيطان، وما دامت نفوسهم مريضة بالحسد والغل واللؤم والكراهية.
 
إِنَّ في الناس كراماً اختارهم الله لقضاء حاجات الناس، وجعلهم أسبابا يجري أرزاق الآخرين على أيديهم وبواسطتهم، هؤلاء يجدون في خدمة الناس شرفاً وكرامة، وفي السعي في حوائجهم عبادة يتقربون بها إلى الله، وإنهم ليقضوا الحوائج، ويغيثوا الملهوف، ويعينوا المستعين، ويرون أنهم مقصرون، من هؤلاء وأمثالهم اطلب حوائجك ورزقك فإنهم جديرون بذلك، وقد سخَّرهم الله لك. 
 
وفي الناس لِئامٌ أشِحَّاء دنيئين مُهانين، لا تطلب حوائجك منهم، ولا تسألهم شيئاً، فما أسْهل أن يمنعوك، وما أسهل أن يغلقوا الباب في وجهك، وما أسهل أن يعرضوا عنك. 
 
إنَّ طالب الحاجة من اللئام محروم محروم، وطالب الرزق من اللئام كالظمآن يطلب الماء من السراب، فما أسوأ من اللؤم إلا اللؤم، "اللُّؤمُ مُضادٌّ لِسائِرِ الفَضائلِ، وجامِعٌ لجَميعِ الرَّذائلِ والسَّوءاتِ والدَّنايا" وهو رأس كل شَرٍ، وجَمَّاعُ كُل المَذامِّ. 

واللئيم حريص على الدُّنيا، وبخيل بها، ومن يك كذلك لا يُرجى الخير منه ولا المعونة ولا النجدة. بهذا وصفه أمير المؤمنين (ع) إذ قال: "اللَّئيمُ لا يُرجى‏ خَيرُهُ، ولا يُسْلَمُ مِن شَرِّهِ، ولا يُؤمَنُ مِن غَوائلِهِ". وقال: "اللَّئيمُ إذا أعطى‏ حَقَدَ، وإذا اُعطِيَ جَحَدَ".
 
ونَبَّه (عليه السلام) من الثقة باللئيم والمراهنة على معونته فقال: "إيّاكَ أن تَعتَمِدَ علَى اللَّئيمِ؛ فإنّهُ يَخذُلُ مَنِ اعتَمدَ علَيهِ".
 
وذكَر (عليه السلام) علامات فارقة للئيم يُعرَفُ بها فقال: "يُستَدَلُّ علَى اللَّئيمِ بسُوءِ الفِعلِ وقُبحِ الخُلقِ وذَميمِ البُخلِ". 
 
فاحذر قارئي الكريم من أن تطلب حاجتك من لِئام الناس، أو تسترزقهم، أو تبذل ماء وجهك بين أيديهم فإنَّ بذل الوجه إلى اللئام الموتُ الأكبر.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
 
captcha