ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

إحياء الحق واجب عقلي وشرعي

19:34 - September 15, 2023
رمز الخبر: 3492698
بيروت ـ إکنا: إن إحياء الحق واجب عقلي وشرعي وإنساني وأخلاقي، وكذلك إماتة الباطل، والمؤمن أولى الناس بالقيام بهذا الواجب المقدس، ولا يمكنه بحال من الأحوال أن يتقاعس عنه فلامعنى للإيمان بالله والله هو الحق أن يتقاعس المؤمن عن إقامة الحق وحمله والدفاع عنه، لأن الحق هو روح الحياة، بل روح الوجود كله.

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رَحِمَ اللّهُ امْرَءً أَحْيا حَقّا، وَأَماتَ باطِلاً، وَدَحَضَ الْجَوْرَ، وَأَقامَ الْعَدْلَ".

هذا دعاء من أمير المؤمنين (ع) لكل امرئٍ يُحيي الحق، ويُميت الباطل، ويدحض الجَور، ويقيم العدل، وفيه حَثٌّ وحَضٌ على القيام بهذا الواجب، وهو من أسمى الواجبات وأشرفها، ولا تستقيم الحياة الاجتماعية إلا إذا قام الناس به، فإنها قائمة على الصراع بين بين الحق والباطل، وبين الجور والعدل، ولِكلٍ أهله وأنصاره، والأيام دُوَلٌ بينهما، فتارة تكون الدولة لأهل الحق والعدل، وأخرى تكون لأهل الباطل والجَور.

والحق والعدل لا ينتصران بالأمنيات، ولا يتحققان في الواقع إلا إذا قام أهلهما بواجبهم في إحياء الحق وإماتة الباطل، ودحض الجور وإقامة العدل، يبدأ ذلك في النفوس، ويتوسَّع ليَعُمَّ كل قضايا الحق والعدل في المجتمع.

فإذا فعلوا ذلك كانوا مرحومين، والرحمة هنا لا تعني الرِّقَّة والعَطف، بل لها معنى جليل وعظيم، إنها تعني تحقق ما يصبون إليه من سيادة الحق وانبساط العدل، ولا شك في أن الحياة التي تقوم على ركني الحق والعدل هي حياة أمنة مستقرة مطمئنة وادعة والعيش في ظل الحق والعدل عيش رغيد كريم، فلا حق يضيع، ولا إنسان يُظلَمُ ويُجارُ عليه.
 
ويقابل ذلك الحياة التي تقوم على الباطل والجَور والظلم والتعسّف والتعدي فإنها حياة قاتمة خبيثة تضيق على أهلها وتضغط عليهم وترهقهم وتنهكهم، وتحيل عيشهم إلى ضَنَكٍ وتعب ومشقة وقلق وتوتر، لا يأمن الناس فيها على حياتهم وأموالهم وأرزاقهم وأعراضهم.

إن إحياء الحق واجب عقلي وشرعي وإنساني وأخلاقي، وكذلك إماتة الباطل، والمؤمن أولى الناس بالقيام بهذا الواجب المقدس، ولا يمكنه بحال من الأحوال أن يتقاعس عنه فلا معنى للإيمان بالله والله هو الحق أن يتقاعس المؤمن عن إقامة الحق وحمله والدفاع عنه، لأن الحق هو روح الحياة، بل روح الوجود كله، فكل الوجود قائم على الحق، والله خلقه بالحق وأجراه على الحق، والحيا الآمنة المستقرة لا تكون إلا بالحق، فإذا ضعف أو انعدم منها استحالت جحيماً لا يطاق، كذلك لا يمكنه أن يأخذ موقفا محايداً من الجَور والظلم، بل عليه أن يدأب في العمل على خطين اثنين: إحياء الحق وإقامة العدل، فبهذين الجَناحَين يطمئن المجتمع ويستقرّ حاله، وبهما يتسامى ويتقدم ويتطور.

وقد نقل الشريف الرضي في نهج البلاغة ما رواه عبد الله بن عباس من موقف مهم لأمير المؤمنين (ع) في هذا المجال: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام بِذِي قَارٍ وَهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ فَقَالَ لِي: "مَا قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ فَقُلْتُ لَا قِيمَةَ لَهَا فَقَالَ عليه السلام وَاللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا".

ثم إن إحياء الحق يعني إحياء مبادئ الحق، والدين الحق، وقيم الحق، ومظاهر الحق، وأعراف الحق، ويصاحب ذلك إماتة الباطل وهو الشذوذ عن الحق، فكل شذوذ فهو باطل، وكل كفر باطل، وكل شرك باطل، وكل قيم الشيطان باطل، وأعرافه باطل، ولكا كان الجَورُ من أعظم مصاديق الباطل ومظاهره وَجَبَ دَحْضُه وإبطاله، وإبطال منطقه وأعرافه، وفضح وَهْنِه وضَعفه، وكشف خباياه وأساليبه ووسائله، ومواجهة آلته الدعائية الضخمة.   

ولو أن الناس أو النخب منهم أحيوا الحق وأماتوا الباطل ودحضوا الجور وأقاموا العدل لتغيرت أحوال أهل الأرض، واطمأنت نفوسهم، واستقامت علاقاتهم وانتفى أسباب الصراعات والحروب. 

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha