ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

الاسلام يوصي بالتدبر في عواقب الأمور

20:23 - October 26, 2023
رمز الخبر: 3493198
بيروت ـ إکنا: كان من أهم ما أوصى به الإسلام التَّدَبُّر في العواقب قبل أي خطوة يخطوها المسلم، وألّا يقتصر الأمر على عواقب العمل الدنيوية بل يجب الاهتمام بعواقبه الأخروية بل لها الأهمية المُطلقة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "راقِبِ الْعَواقِبَ تَنْجُ مِنَ الْمَعاطِبِ".
 
كل ما له بداية فله نهاية، والنهاية هي الغاية، والغاية هي المرادة من الفعل، والمفروض أن الإنسان هادف في حياته، لا يعبث في أفعاله، حتى لهوه ولَعِبَه لا يمارسه عبثاً، لا يفعل شيئاً إلا لهدف يرجو تحققه ولغاية يأمل أن يبلغها.

ولهذا نجد العاقل الرشيد لا يقصر نظره على البدايات عندما يهِمُ بأمر من الأمور، بل يتطلع إلى الغايات والنتائج والعواقب، فرُبَّ أمر يبدأ بخير وينتهي إلى شَرٍّ، وأمرٍ أوله مكاسب وعواقبه خسائر، وكلمة تشفي الغليل في الحال لكنها تشعل نار الخلاف أو تعمق الأحقاد.

إن العاقل الرشيد الذي صنعته التجارب لا يُقدِم على عمل إلا إذا أطال التأمُّل فيه، وأخذ وقتاً كافياً للتفكير في مختلف جوانبه، ونظر إليه من مختلف الزوايا، وتدبَّر في النتائج والعواقب، كي يكون على بَصيرة مما يفعل، وعلى وَعي تام مما يقول، وعلى دراية مما يؤدي إليه موقفه أو كلامه، لئلا يقع في المَحذور والمَحظور، أو ينقلب نادماً مُتَحَسِّراً، ولاتَ حين مَندم.

كل الذين يتعجَّلون ويتسرعون، ولا يتدبَّرون في العواقب يخسرون ويفشلون ويستجلبون المتاعب والمَضارّ، ويكون مآلهم الندم، وقد كان في إمكانهم أن يعطوا لأنفسهم الوقت اللازم لتأتي مواقفهم وأفعالهم أكثر صواباً، وأكثر انسجاماً مع الحق، وأكثر مطابقة للواقع، وأسلم نتيجة. 

إنك بحاجة ماسَّة أن تعطي لنفسك مساحة تتأمّل فيها ما سَتُقدم عليه، خُذْ وقتاً كافياً قبل أن تنطق بالكلمة، وتدبَّر في عاقبتها، وكيف سيتلقاها المستمع، لأنها في وِثاقك ما لم تنطق بها، فإذا نطقت بها صرت أنت في وثاقها، وخذْ وقتاً كافياً قبل أن تَعِدَ أو تعاهد، وقبل أن تقبَل أو ترفض، وضع أي مشروع تريد أن تقدم عليه على طاولة التشريح وادرس جميع احتمالاته ومآلاته وما يترتب عليه من نتائج وعواقب، واحذر أن تتسرع أو تتحكم في قراراتك الارتجالية وسوء التخطيط وسوء التنفيذ.
 
لقد كان من أهم ما أوصى به الإسلام التَّدَبُّر في العواقب قبل أي خطوة يخطوها المسلم، وألّا يقتصر الأمر على عواقب العمل الدنيوية بل يجب الاهتمام بعواقبه الأخروية بل لها الأهمية المُطلقة.

فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: "إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ (ص)، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي.

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ص): " فَهَلْ أَنْتَ مُسْتَوْصٍ إِنْ أَنَا أَوْصَيْتُكَ“؟ حَتَّى قَالَ لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثاً، وَفِي كُلِّهَا يَقُولُ لَهُ الرَّجُلُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ص): "فَإِنِّي أُوصِيكَ، إِذَا أَنْتَ هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَتَدَبَّرْ عَاقِبَتَهُ، فَإِنْ يَكُ رُشْداً فَامْضِهِ، وَإِنْ يَكُ غَيّاً فَانْتَهِ عَنْهُ"
 
إنني على يقين من أن قارئي الكريم يتفق معي في أن التزام الإنسان بهذه النصيحة النبوية الكريمة يُمَكِّنُه من تفادي الكثير من النتائج السلبية في دنياه وآخرته، ويحمي نفسه من الكثير من المشاكل ويدفع عنه الكثير من المِحَن والمصائب، ويمكنه من النجاح في الكثير من أموره.

ومن الواضح أن التدبُّر في العواقب يروِّض النفس العَجولة المُتسَرِّعة، ويجعل العقل حاكماً على كل ما يصدر منها، فيوجِّهه إلى ما فيه الخير والنفع والصلاح، وتكون قراراته سديدة، وخطواته رشيدة، وغاياته حميدة.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
 
captcha