ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الرزق مقسوم من الله

23:53 - October 25, 2023
رمز الخبر: 3493190
بيروت ـ إکنا: إن الرزق مقسوم من الله، والرزق أولاً وآخراً بيد الله تعالى ورهن مشيئته وتقديره، فإنه هو الرَّزَّاق الذي يقدِّر أرزاق الخلق، ويولها إليهم بالأسباب المعروفة لديهم والأسباب المجهولة التي يمسك الله بها.

 رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رِزْقُ الرَّجُلِ عَلى قَدْرِ نِيَّتِه".

لعلك تعجب وتسأل: ما الرابط بين النية والرزق؟ وتسأل: كيف نفهم ذلك والحال أننا نرى كثيرين ممن لا يعرفون شيئاً عن النية أرزاقهم كثيرة وواسعة؟

وأجيب: صحيح أن الحصول على الرزق مشروط بالسَّعي والعمل والكَدِّ والتَّعب، ومشروط بحيازة الإنسان للمهارات الضرورية من المعرفة، والخبرة، والرشد، والهمة العالية، والإتقان، وسوى ذلك، فمع أن أسباب الرزق الظاهرة قائمة في الأرض وهي في متناول يد الإنسان، وعليه أن يمسك بها جميعاً، ويعتمدها كأسباب  للحصول على رزقه.


ولكن الصحيح أيضاً أن الرزق مقسوم من الله، والرزق أولاً وآخراً بيد الله تعالى ورهن مشيئته وتقديره، فإنه هو الرَّزَّاق الذي يقدِّر أرزاق الخلق، ويولها إليهم بالأسباب المعروفة لديهم والأسباب المجهولة التي يمسك الله بها، قال سبحانه: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴿22/ الذاريات﴾. وقد جعل الله الحكيم الخبير النيَّة الصافية الصادقة من أسباب الحصول على الرزق الحلال الطَّيِّب الذي يثمر سعادة المرء في دنياه وفي آخرته.

والنِّيَّة هي: عَزْم القلب على فعل الشيء، وهي الدافع إلى العمل، بل هي قلب العمل وحقيقته وروحه، إذا صلحت صلح وإذا فسدت فسد، وعليها مدار قبول العمل وعدم قبوله، وهي المسؤولة عن آثاره النفسية وآثاره الواقعية الفعلية.

ولذلك يُشترط الصدق فيها والإخلاص والصفاء، بحيث يكون العمل خالصاً لله ويكون العامل متوجِّها بكل كيانه ومشاعره إلى الله دون سواه وهو ينجز عمله، فكل عمل يكون الدافع إليه التقرب من الله يكون عبادة، ويترتب عليه الأجر والثواب، ولذلك جاء عن رسول الله (ص) أنه قال:  "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".

وقد دعت النصوص الشريفة التي تكشف لنا ما غاب عنا من حقائق وجودية، وما نجهله من آثار تكوينية للنية، دعت المسلم إلى أن ينوي الخير في كل ما يفعله ويطلبه ويسعى إليه، أي أن يكون صافي القلب سليم الإرادة، وأنه سيفعل الخير بما يقدر عليه أو يحوزه ويناله ويربحه، وذكرت أن المرء لا يزال بخير ما نوى الخير. 

إن الله سبحانه يعطي المَرء على قدر نيته، ويثيبه على قدرها كذلك، ويوفقه بحسب نيته، ويسهل له العسير بحسب نيته، فإن كانت لله كان عمله لله، فالعامل يُمَلِّكُ عمله لله، وما يَمْلكُهُ الله يهيئ له جميع أسباب نجاحه، فيتحقق لا محالة، ويجني العامل جميع ثماره المرجوة، رُوِيَ عن الإمامُ الصّادقُ (ع) أنه قال: "إنّما قَدَّرَ اللّهُ عَونَ العِبادِ على قَدرِ نِيّاتِهِم، فمَن صَحَّت نِيَّتُهُ تَمَّ عَونُ اللّهِ لَهُ، ومَن قَصُرَت نِيَّتُهُ قَصُرَ عَنهُ العَونُ بقَدرِ الّذي قَصُرَ".

ويربط الإمام أمير المؤمنين (ع) بين حُسْنِ النِّيَّة وزيادة الرزق فيقول: "مَن حَسُنَتْ نِيّتُهُ، زِيدَ في رِزقِهِ" ومعلوم ما للنية من أَثَرٍ نفسي مُهِمٍّ على الإنسان، فمن يبدأ يومه ساعياً في طلب رزقه بنية طَيِّبة حَسَنَةٍ، راجياً من الله فضله ورزقه، فلا ريب أن الأبواب ستفتح له، إذ سيكون مطمئنا هادئاً، يعامل الناس بمرونة ولِين، بخلاف الشخص الذي يبدأ يومه بنية خبيثة.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha