ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رُبَّ أُمْنِيَّةٍ تَحْتَ مَنِيَّةٍ".
ما أكثر الأماني عند البشر وما أوسعها، وإنها من الكثرة ما لا عدَّ لها ولا حصر، وهي ترافق الإنسان طول حياته، فتراه يُمَنِّي نفسه في الحصول عليها، قد يتحقق له بعضها، ويخفق في الحصول على معظمها، وكُلٌّ من النجاح والفشل له أسبابه، ومن أهمها أن تكون الأمنية واقعية، وممكنة التَّحَقُّق، وأن يسعى إليها بالعمل الجاد، والأداء المُتقن، وأن يبذل لها ما تحتاج من إمكانات. وإلا كان الفشل الذريع.
إن الأماني أمر طبيعي بالنسبة للإنسان وجزء أصيل من تكوينه النفسي، وهي تتناسب مع فطرته التي فطره الله عليها، وتعتبر مُوَلِّدات ومُحركات تُوَلِّد فيه الرغبة في العمل وتدفعه إلى البحث والإبداع والإنتاج والتطوير، شأنها شأن بقية الرغبات التي جُبلَ الإنسان عليها، لولاها لما تحرَّك ولا اندفع إلى العمل، فبالأماني تتحفَّز الهِمَم، ويُصنَع الأمل.
ولكل شخص أمنيات ورغبات، وهي تختلف من شخص لأخر، فالفقير يتمَنَّى الثَّراء، والمريض يتمَنَّى العافية، والموظف يتمَنَّى التَّرَقٌي في سُلَّم الوظائف، والتاجر يتمَنَّى الربح، والمُزارع يتمَنَّى حصادا وافراً، والعالِم يتمَنَّى مزيداً من العِلم، والعابِد يتمَنَّى المزيد من العبادة، والمُؤمن يتمَنَّى المزيد من رضوان الله وهكذا، لا تنقطع الأماني والبشر ما بين مستقل لا يقنع بالقليل منها، ومستكثر لا يشبع ولو تحققت له جميعاً لتمنى المزيد، وإنه ليتجاوز بأمانيه الأرض إلى السماء.
ولكن على المَرء أن يتنبه لأمانيه من جهات:
الجهة الأولى: أن يتمَنَّى ما يتمكن من تحقيقه، لأن تَمَنِّي ما لا يكون يرجع على المَرء بنتائج سلبية خطيرة، إذ يقتل الأمل في نفسه ويجعله رهين اليأس، ويقتل طاقاته ويقضي على قابلياته.
الجهة الثانية: أن تكون الأماني حَقَّة فليس له أن يتمَنَّى ما يكون باطلاً، أو حراماً، أو وَهماً من الأوهام التي ينخدع لها، فيصير أسيراً لها، وحين يكتشف أنها أوهام وحسب تكون الفاجعة كبيرة.
بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: