ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

رِضَا الْمُتَجَنِّي غايَةٌ لا تُدْرَكُ

0:01 - October 22, 2023
رمز الخبر: 3493131
بيروت ـ إکنا: إذا كان رضا الناس الطبيعيين غاية لا تُدرَك، فكيف لك أن تُرضي المتجنِّي عليك الذي يتهمك بما لم تفعله، وينسب إليك ما لم ولا يكون من مثلك، كيف لك أن ترضي شخصاً يرميك كل حين بسهام التُّهَم الباطلة وهو يعلم أنك لم ولا تفعل شيئاً منها، إن بيَّنت له الواقع يصرّ على جحوده، وإن أتيته بالحجج والبراهين على براءتك يجعل أصابعه في أذنيه ويمضي.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رِضَا الْمُتَجَنِّي غايَةٌ لا تُدْرَكُ".
 
إذا كان رضا الناس الطبيعيين غاية لا تُدرَك، فكيف لك أن تُرضي المتجنِّي عليك الذي يتهمك بما لم تفعله، وينسب إليك ما لم ولا يكون من مثلك، كيف لك أن ترضي شخصاً يرميك كل حين بسهام التُّهَم الباطلة وهو يعلم أنك لم ولا تفعل شيئاً منها، إن بيَّنت له الواقع يصرّ على جحوده، وإن أتيته بالحجج والبراهين على براءتك يجعل أصابعه في أذنيه ويمضي.

وتبادر إليه بنية حسنة فيبادرك بالسوء، تُحسن إليه فيقابلك بالنكران، تحترمه فيسيء إليك، تعينه فيعين عليك. مثل هذا لا ترضيه، ولن ترضيه ولو أتيته بما يعجز البشر عنه. 

خذها حقيقة لا تقبل التشكيك والإنكار: من يعاديك، ويحقد عليك، ويخاصمك، ويرى في وجودك تهديداً له، وفي مكتسباتك خسارة له، فلن يغلي قلبه بالحقد عليك وحسب، بل يدفعه إلى التَّجَنِّي عليك واتهامك بالأباطيل ونسبة الموبقات إليك، حسداً من عند نفسه، فإياك أن تنتظر منه رضىً بما تفعل وتعلن وتتخذه من مواقف وخيارات.

أليس هذا بالضبط ما نراه من أعدائنا في المنطقة، وخصومنا في الداخل؟ متى رضيَ هؤلاء عنا؟ ومتى أذعنوا لحججنا الواضحة الساطعة، ومتى أبدوا استعداداً حتى لمحاورتنا، أتراهم سيرضون عليك وأنت تحقق الإنجاز تلو الإنجاز؟ ومتى يرضون عنك وأنت تتعملق وهم يتقزَّمون، ومتى يرضون عنك وأنت تتألق ويشع نجمك، وهم ينكدر ضوؤهم ويتلاشى أمام نورك؟ لن يرضوا عنك حتى تصير مثلهم وعلى شاكلتهم وتنخرط في مشروعهم وتتبنى خياراتهم وتعتمد قِيَمهم، عند ذاك يرضون عنك، لكنك تكون قد فقدت شخصيتك وقيمك وفكرك، تكون قد فقدت ذاتك، تصير مجرد كائن يأكل ويشرب ولا تأثير له.
 
لا تشغل بالك بإرضاء هذا الصنف، ولا تفرح برضاه عنك، كلاهما خطأ قاتل، الأول يدفعك إلى التخلِّي عن مبادئك وقيمك، والثاني يعني أنك تخليت عنها بالفعل وصِرت تابعاً له. وحده الحق احرص أن تكون عليه، ووحدها مصالحك الأكيدة احرص على تحقيقها بالطرق المشروعة، وقبل هذا وذاك وحده الله تعالى الذي يجب أن تطلب رضاه في كل خطوة تخطوها، وكل موقف تتبناه. ودع الناس فيما هم فيه، فإنهم لن يضرّوك ولن ينفعوك، وإياك أن تلتمس رضاهم بما يُسخِط الله، وتذكر قول رسول الله (ص): "مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ".
 
امضِ إلى حيث يجب أن تمضي، واختر ما يجب أن تختار، وافعل ما يجب أن تفعل ولا تأخذك في الله لومة لائم، لا تسمح للوم اللائمين ولا لرضا الراضين أن يستميلاك إلى صفِّهم وفئتهم، وكن من الإثنين على حذر، فالذي يتجنّى عليك ويلومك كما الذي يمنحك شهادة الرضا كلاهما يريدان أن يؤثِّرا في خياراتك وقناعاتك، الترهيب والترغيب كلاهما خطر.
 
بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
 
captcha